مدارات : لا مناقشة في الأذواق

إن الحكم في قضايا العلوم الإنسانية يظل في أفق الرأي الشخصي، أما في حالة الفنون والآداب فيظل الأمر خاضعاً للذوق. والذوق كما يعلم القارئ، يستند إلى الحواس، التي تشكل نوافذ الإدراك والفهم تمهيداً للوصول إلى المغزى (المعنى الشخصي الخاص بالمتلقي ).

فالفنون والآداب تخاطب الحواس، لأنها تسعى إلى التأثير أكثر مما تسعى إلى تقديم الحجج والبراهين، وبما أن الحواس مشتركة بين بني البشر فالكل يتذوق الفنون والآداب، والفرق إن وجد فهو فرق بالدرجة.

وينتج هذا الفرق نتيجة قوة الحواس عند بعضهم وضعفها عند آخرين، ونتيجة التركيز والاهتمام عند بعضهم والتشتت وعدم الانتباه عند آخرين، ونتيجة ما يمتلكه بعض المتلقين من خبرات ومعلومات تختلف عمّا يمتلكه الآخرون.

وقد ينتج الاختلاف عن الانطلاق من معايير متباينة تختلف من بيئة إلى أخرى، ومن مرحلة تاريخية إلى أخرى …

بقي أن أقول: لا مناقشة في الأذواق. ومع ذلك، وقد يكون ما سأقوله مفاجئاً، حين أدعي بأن الاختلاف حول قضايا الفنون والآداب أقل بكثير من الاختلاف حول قضايا الفكر والسياسة والاقتصاد وسوى ذلك من قضايا العلوم الإنسانية….

محمد راتب الحلاق

المزيد...
آخر الأخبار