مسرح : الحافلة …هَل تسير نحو…؟

ترى هل الحافلة التي تسير في المطبات والمنعطفات الخطرة ستصل بأمان ,ومن يقودها..؟والكارثة إن كان من يقودها مخموراً,فهل يمكن أن تجتاز المنعطف الخطر أم إنها تسير نحو الهاوية …؟ والأهم : هل الموضوع حافلة ومن يقود هذه الحافلة ,أم أن حدود قراءة العرض المسرحي تتجاوز هذا …؟

ستانسلاف والسؤال الجوهري

إن الكاتب البلغاري ستانسلاف ستراتييف صاحب المسرحية الشهيرة (سترة من المخملين) قدم مسرحية (الحافلة ) لكي يفجر قضية جوهرية بغاية الأهمية وهي النظم الحاكمة (الشيوعية التي تحكم أوربا الشرقية) كيف تقود المجتمعات البشرية ,هل تقودها بحكمة ودراية بأسلوب يستوعب جميع أفراد المجتمع بشبابهم وكهولهم بطبقاتهم المثقفة والجاهلة ,وهل ستتمكن هذه القيادة لجموع البشرية من أن توصلها لبر الأمان والسلام والازدهار,أم هي تقود شعوبها نحو الهاوية ….؟ النص تناول عدة شرائح من المجتمع من الإنسان البسيط إلى المدعي الثقافة والمعرفة ,هم سبع شخصيات رجالية وامرأتان ,والجميع هم في مصيدة السائق الذي يتحكم بمصيرهم وهو مخمور وكان المثقف (المزيف) يريد أن يضحي بالجميع ,شرط ألا يواجه قائد الحافلة , لقد برع الكاتب في تعرية الجميع ,من الانتهازي إلى الرجل البسيط الذي يحاول أن يكون صادقاً مع نفسه أكثر منهم .

إعداد …ومطب (العامية)

قدمت فرقة الاتحاد الوطني لطلبة سورية –فرع جامعة تشرين –المسرح الجامعي مسرحية (الحافلة ) في اليوم الثاني من مهرجان حماة المسرحي وهي من تأليف الكاتب ستانسلاف ستراتييف ومن إعداد وإخراج هاشم غزال وقيس زريقة ,وكان الإعداد أميناً على جوهر النص فقدمه باللهجة العامية المتنوعة في الخارطة ,وهذا خلق إشكالية فتارة ممثل ينطق بلهجة ما ,وفي مأزق يصادفه ينتقل للهجة أخرى دون أن يشعر بذلك ,أضف إلى أن اللهجة العامية كانت مسطحة ,أي لم تقدم دلالات لفظية تغوص في تراث هذه اللهجة المحببة للبعض , وربما العربية الفصحى أكثر ثراءً من اللهجة العامية .

الأداء ….؟

لقد لعب شخصيات العمل الفنانون: محمد إبراهيم و إبراهيم محمد وكمال فضة وسلمان سلمان وحسن صقر ومصطفى هلال وعمران الخطيب وريما الشوا وفرح بدر ,واعتقد أنهم مجموعة من الطلبة الجامعيين ,وربما بعضهم يقف لأول مرة على خشبة المسرح ,لأن أداءهم كان في حالة تذبذب ,فتارة أحد الممثلين يسمو بحواره وتارة في موقع آخر وكأنه يلقي عن كاهله الحوار المطلوب منه ,ورغم حماسهم الذي تجاوز خبرتهم القليلة ,فكانت سوية الأداء تتجاوز الوسط ,وربما أهم ما كان ينقصهم هو الدفء بالأداء ,وتحديداً بعد منتصف العرض، حيث دخل شيء من الترهل في الأداء .

الإخراج ينقذ ما يمكن

إن الفنان هاشم غزال صاحب تجربة كبيرة في المسرح الجامعي (فرع جامعة تشرين) وفي المسرح القومي (اللاذقية ) فله تجارب أهم من هذا العمل ,وإن بدت بصمته واضحة على العرض المسرحي ,ولكنه حصر العرض المسرحي (الديكور) بمجموعة مقاعد( مكان صغير وضيق كثيراً ) وأهمل الفضاء المسرحي الكبير,ربما كان العمل بحاجة إلى ديكورست يقدم رؤيا جمالية ومتطورة أكثر مما شاهدناه , ولكن ذلك لا يقلل من الجهد المبذول والتشكيل البصري (وإن كان قليلاً) الذي حاول أن يقدمه وشاركه بالإخراج قيس زريقة ,فإلى أي حدود ارتقت هذه التجربة الثنائية بالعرض المسرحي ؟ للأسف ما شاهدناه هو سوية للعرض المسرحي عادية جداً ,ربما لم يسقط العرض المسرحي . ولكنه لم يتألق لحدود الدهشة والمتعة الجمالية .

متممات العرض المسرحي

سينوغرافيا هاشم غزال قدم مفردات لونية جميلة أضافت للعمل بريقاً رفع من سوية العمل ,ونفذت الإضاءة وفاء غزال , الموسيقى كان لها حضور خجول وذلك لغياب الإبداع الموسيقي, فربما كان أضاف إيقاعاً جميلاً غاب عن العرض .

في البروشور وردت كلمة صورة وإلى جوارها مهدي زربا , للأسف لم أقدر حل هذه الأحجية .

كلمة …في الختام

إن العرض المسرحي (الحافلة ) رغم كل ما تقدم ,هو عرض نظيف وذو فكر متقدم ويحترم الجمهور الذي يبحث عن فضاء يحمل المتعة والفائدة .

تصوير : عمر الطباع

محمد أحمد خوجة

المزيد...
آخر الأخبار