تمثل المراهقة مرحلة النمو التي تلي مراحل الطفولة ،وخلالها ينمو الجسم بمعدلات سريعة وتحدث تغييرات فسيولوجية يكون لها آثارها النفسية في حياة المراهق ، ويمر المراهق بخبرات انفعالية واجتماعية وتظهر خبراته وتكون معتقداته واتجاهاته وقيمه عن نفسه وعن أسرته وعن الناس وعن المجتمع والوطن والدين .
والمراهقة هي عبارة عن طفرة في النمو الجنسي ، العقلي ، الاجتماعي ، الانفعالي ،الجسمي ، ويختلف عن (البلوغ) الذي يعني النمو الجنسي والعضوي فقط .
ولقد تناول كثير من علماء النفس مرحلة المراهقة بالوصف على أنها مرحلة خطيرة …
– يرى ابراهيم : أن المراهقين تستهويهم النزوات ، وهم عدوانيين وليس من السهل السيطرة عليهم هم دائمًا على استعداد لأن يذهبوا إلى آخر مدى بنزواتهم وآرائهم ويقول دائما إنني على حق .
بينما يرى يوسف : بأن المراهق يميل إلى الجدل من أجل الجدل في كل صغيرة وكبيرة وربما كان ذلك من أسباب اختلاف آرائهم عن آراء آبائهم .
مراحل المراهقة :
تقسم مراحل المراهقةإلى ثلاث مراحل فرعية وهي :
1- المراهقة المبكرة ( 12-14) .
2- المراهقة المتوسطة (15-17) .
3- المراهقة المتأخرة (18-21) .
الجوانب الأساسية للمراهق :
يقول الدكتور يوسف في علم النفس عن الجانب العقلي :
في هذه المرحلة يتحول المراهق والمراهقة من التفكير المادي إلى التفكير المجرد المعنوي ، ويتحول من التفكير الفردي إلى التفكير شبة الجماعي ومن التفكير الموجه للخارج فقط إلى التفكير القادر على تأمل الذات وتأمل المحيط الخارجي في الوقت نفسه .
أما عن الجانب الانفعالي :
تظهر في هذه المرحلة موجات من الغضب عند المراهقين أكثر من غيرهم ويتم التعبير عنها بالانفعالات الشديدة أو المباشرة كالمصارعة والمضاربة والتحدي ويتسرع المراهق في اتخاذ القرارات وفي الحصول على مايريد
أما عن الجانب الاجتماعي :
ينمو المراهق اجتماعيا ويكوّن علاقات وصداقات اجتماعية ولكن يحدث ما يسمى بالتمرد والعصيان وعدم تقبل آراء الآخرين ،
كيف نتعامل مع الابنة المراهقة؟
أما عن معاملة الابنة المراهقة فتقول الدكتورة نلي : إن الرغبة الحقيقية في فهم الابنة المراهقة يساعد على نجاح الأم في التعامل مع الابنة الحبيبة، ولا شك أن هذا الفهم يعود بالفائدة على الجميع , الأم والابنة والأسرة، وأيضًا يحقق الصحة النفسية للجميع، وخاصة الابنة الحبيبة .
ونسأل كثيراً من الأمهات: كيف تتعاملين مع ابنتك المراهقة؟ فتقول مها : لقد تعبت منها ومن شخصيتها الغريبة، إن هذه المسألة تحتاج إلى الصبر ثم الصبر ثم الصبر، مع مزيد من الحب والاحتواء. يجب أن نتقبل سخط المراهقة وعدم استقرارها التحمل وطولة البال والتسامح مع الابنة،وعلينا التغاضي عن ما تعبر به عن مشاعر السخط وعدم الراحة التي تبديها في بعض الأحيان، وعليها احترام وحدتها وتقبل شعورها بالسخط وعدم الرضا عن بعض الأشياء،وهنا لا بد أن نفرق بين التقبل والتأييد، فينبغي أن تكون استجابتنا دائمًا محايدة،نفرق فيها بين تقبلنا لها وتأييدنا لما تفعل أو تقول، وهي تحتاج أساسًا للتقبل، وأن تشعر بأنها محبوبة، وأن ما تقوم به لا غبار عليه دون الدخول معها في مصادمات، ويجب أن نفهم أن محاربة المراهقة مسألة مهلكة بالنسبة لها.
تقول عبير دكتورة الصحة النفسية لا تتصرفي بفهم شديد ولا تجمعي الأخطاء, إن التدقيق في كل تصرف تقوم به الابنة، وإبداء الفهم الشديد لتصرفاتها, إن التصرف بهذه الكيفية صعب للغاية، ‹ينبغي التفويت للمراهق , أي لا نعلق على كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته إن تعثر فوقع، أو وقع شيئًا من يده أو من الأمور البسيطة اليومية، وعلى الوالدين تقديرمتى يجب الفهم، ومتى يجب التغاضي. ومن الأفضل ألا نتوقع من المراهق الكمال , فنتعقب أخطاءه لكي نصوبها دائمًا، وليس من المفيد البحث والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة بهدف الوصول إلى الكمال.
كما قالت الدكتورة عبير يجب أن تحترم خصوصيات الابنة المراهقة,
ما دام أنها لا يشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأ المراقبة غير المباشرة، واحترام خصوصيات المراهق يتطلب بناء مسافة معينة بين الوالدين وبين ابنتيهما، مع الاحتفاظ بصداقة ومحبة، والاحترام يشعر المراهق بأنه شخص متميز فريد. وتقول ابتعدي عن وصف ابنتك وتصنيفها:
لا داعي لأن تصف الأم ابنتها بصفات معينة وخاصة في وجود الآخرين، فمن الخطر أن نتنبأ بمستقبلها وخاصة إذا كانت تنبؤات سيئة، وهذا ما يسمى بقانون التوقعات، فإن كل شيء تتوقعه سيحدث، والصورة الذاتية تتكون عند الأبناء منذ الطفولة ثم تكبر معهم، فمن تقول لابنتها: «أنت غبية وكسلانة» وتردد ذلك باستمرار, سيتكون لدى الابنة اعتقاد بذلك، وصورة ذاتية عن نفسها تكبر معها، ونكون بذلك قد ساهمنا في تكوين شخصية الابنة بشكل سلبي. ومن تقول لابنتها: «إنك لن تفلحي أبدًا، أو لن تتعلمي أبدًا، أو ستظلين هكذا متخلفة»، إن كل هذه العبارات لن تهذبها أو تعلمها، ولكنها ستؤدي بها أن تكون كما وصفت الأم بالضبط. وامنحيهاالثقة إن دور الوالدين الهام يكون في إكساب المراهق الخبرات والمواقف البناءة أكثر من الإدانة أو التقليل، وكل خبرة يكتسبها المراهق بمفرده تكسبه مهارات شخصية،وتعمل على بناء وتطور نموه، فالأسرة هي البيئة النفسية التي تساعد على النمو السليم للأبناء، فالثقة والمحبة تساعدان المراهقين على طاعة الوالدين والنجاح في مجالات الحياة المختلفة، واكتساب الخبرة يكون من خلال أحداث الحياة اليومية المتجددة، مع استخدام أسلوب التشجيع عند الكفاءة والنجاح في عمل ما . وتقول الدكتورة كوني السند النفسي لابنتك
الأم المتفهمة ينبغي عليها إظهار التفهم لابنتها، التفهم لغضبها ومتاعبهاوأحزانها، وتقديم الدعم النفسي لها، فالأم هي السند النفسي لابنتها بالاستماع لمشكلاتها بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون إقامة أي حكم على الموقف سواء بالثناءأو بالنقد. فكوني السند النفسي لابنتك، وتفهمي مشاعرها وحاجاتها (وخاصة الحاجة الجسمية والعاطفية)، فالابنة المراهقة إذا لم تشعر بالعاطفة والود والحب والتفهم،فقد تبحث عنه في أي مكان آخر، وهذا ما نخافه ونرفضه، ونحن هنا نريد الحب المعتدل المتوازن، والفهم لطبيعة هذه المرحلة.
النقد وحدود استخدامه
تقول إحدى الفتيات: «ليت أمي تفهم أنني كبرت، وأن تنتقدني بصورة أفضل»، إن الفتاة المراهقة تضيق بشدة من نقد الوالدين لها، وتعتبره أذى بالغاً لشخصيتها، وواقع الأمر أن معظم النقد لا يكون ضروريًا فهو غالبًا ما يتناول أشياء من الممكن أن تتعدل في فترة تالية، مثل نقد أسلوب الكلام أو المشي أو الأكل . إن خطورة نقد الشخصية والسلوك نفسه هو أنه يترك في نفس المراهق مشاعرسلبية عن ذاته، وعندما نصفه بصفات الغباء والقبح والاستهتار يكون لذلك أثره على نفسيته (الابن أو الابنة)، ويكون رد الفعل عنيفًا يتصف بالمقاومة والغضب والكراهية والانتقام، أو على العكس الانسحاب والانطواء.
فمرحلة المراهقة تغير كلي وشامل وليست أزمة نمو ، وهي تنقل المرء من فترة الطفولة إلى مرحلة الشباب والنضج ، وتشمل تغيرات كبيرة وسريعة في كافة مجالات النموالبدني و الجنسي و العقلي و العاطفي و الاجتماعي , حيث يعبر بعض المراهقين هذه المرحلة بهدوء ويستطيعون التكيف مع التغيرات الداخلية ومتطلبات الأسرة والمجتمع ،لكن بعضهم الآخر يمر بأزمات داخلية و صراعات مع المجتمع
تمر هذه المرحلة في المجتمعات الريفية بهدوء بينما لا يكون الأمر كذلك في المجتمعات المتحضرة مادياً .
ش. ر