بوقت مستقطع تكتشف عالماً ينهار أخلاقياً وفكرياً وإنسانياً , ربما هي المبالغة ما ذهب إليه الكاتب , ليقدم بعضاً من نماذج الحياة التي تقدم خطاباً يسمو بسلوك وأخلاق من يدعي ويتبنى هذا الخطاب ,ولكن ما هي إلا لحظات حتى تسقط ورقة التوت لنكتشف بأننا أمام كائنين يطفحان عفونة ونتانة .
نص سوداوي
قدمت مديرية المسارح والموسيقى –مشروع دعم الشباب عرضها المسرحي (وقت مستقطع ) للكاتب المسرحي السوري جوان جان , والنص المسرحي يقدم رجلين في وقت مستقطع يقعان أسيري حديقة أغلقت أبوابها وهما في الداخل , فكان التعارف الذي رصد كل الخفايا لكل واحد منهما , هو بوح ولكن بطريقة مقززة فكل منهما يسهب في سرد جرائمه الأخلاقية بحق أقرب الناس إليه , من الزوجة التي تقف عاجزة أمام شره زوجها للمال مبرراً لإبنتيه الحق أن يقيما علاقة مع أثرياء ,وهكذا يقدم شرفه بضاعة رخيصة للحصول على المال ,ولا بأس بأن يشي بأخيه المطلوب للعدالة ليقبض المكافأة ,بل ويلقي أمه أرضاً من كرسيها المتحرك ليسرق مدخراتها , والرجل الآخر أكثر سوءاً منه , مديره يسطو على زوجته أمامه دون أن يحرك ساكناً ,مهرب لكل شيء وأي شيء ولا بأس بأن يدعي بأنه متدين ,هي مباراة بين الشخصيتين في سرد وضاعة منقطعة النظير .
إخراج …حاول كثيراً …
قام الفنان سهيل عقلة بإخراج هذا النص من شكله الورقي إلى حلول بصرية كانت منسجمة إلى حد ما مع بنية النص المسرحي , فقدم في عمق المسرح مقعد الحديقة (متعدد الاستخدام ) فتارة هو أرجوحة وتارة لعبة للصغار بشكل آخر , هذا التنوع في الاستخدام أضفى على العرض المسرحي مرونة وسهوله في التنقل من حدث لحدث ومن مشهد لأخر وكان موفقاً بهذا , ولكن هذه الحلول على (ديكور أو سمها إكسسوار) لم يجانبه الحظ في ضبط إيقاع العمل بين الممثلين ,في مشاهد يتألقان ,ومشاهد عادية وهكذا كان العمل في بعض مفاصله يصاب بالترهل في الحركة والأداء ,ورغم هذا تبقى تجربة للمخرج تبشر بأعمال قادمة يتجاوز فيها تلك المطبات .
أداء …يتأرجح بين بين …
لعب شخصيات العمل الفنان تاج الدين ضيف الله دور الرجل الأول (المهرب) ورغم تقدمه بالسن إلا إن الخبرة لم تسعفه في تجسيد هذه الشخصية , لأنها شخصية بحاجة إلى حرفية عالية في التلون وهذا ما حاول أن يقدم بعضاً منه , ورغم هذا بقي شبه متماسك حتى نهاية العرض , الفنان محمد سالم كان منسجماً إلى حد كبير مع شخصيته فحضوره كشاب أعطاه ليونة في حركته , قياساً بمن شاركه البطولة , الفنانة دلال عمران وإن كان حضورها قليلاً إلا أنها تركت مساحة جميلة من الأثر .
إمكانات مديرية المسارح والموسيقى
هو العمل الأول في المهرجان الذي يوزع بروشور جميلاً يحمل أسماء طاقم العمل فمساعد المخرج رامي السمان هو شريك إبداعي للمخرج وتصميم الديكور الذي بني عليه كل مفردات العمل يعود للفنانة ريم الخطيب ,وساهمت الفنانة سهى العلي في تصميم الأزياء والمكياج فنجحت في تحديد لباس الممثلة (دلال عمران) , وكان للإضاءة دور فاعل وقد صممها الفنان بسام حميدي , والموسيقا في بداية العرض تألقت ولكن المشاهد التي تلتها لم تكن بسوية مفتاح العرض وهي للفنان سامر الفقير , وشارك كل من : محمد خليلي كمصمم إعلاني ويوسف بدوي كمصور فوتوغرافي وإياد عبد المجيد كمنفذ للصوت ودلال زلغنة كمنفذة للديكور
ملاحظة هامة
كون هذا العمل برعاية مديرية المسارح والموسيقا ( مادياً ومعنوياً ) فقد رصدت له الإمكانيات المناسبة , وهيأت له أسباب النجاح ( وإن كان بشكل نسبي ) ولكنه عرض يستحق الحضور وإن كان الحضور في الصالة مخجلاً ,لأن أكثر المقاعد كانت شاغرة , هي همسة للمعنيين بحماة ,متى يحضر بشكل فاعل المسرح القومي في حماة أسوة بالمحافظات الأخرى ! .
محمد أحمد خوجة