ما نراه – اليوم- من كتب للأطفال أو من قصصهم وحكاياتهم أو من قصائد وأشعار موجّهة إليهم لا يشكّل قاعدة حقيقية في أدب الأطفال العربي (!!) بل لا يمكن أن نعدّ بعضه أنه يتوجّه إليهم (!!)
وإن كنّا بدأنا نفكر في التأسيس والتأصيل لهذه القاعدة (!)
بدلالة اهتمام اتحاد الكُتّاب العرب بأدب الأطفال وثقافتهم حين تكوّنت أول جمعية لأدب الأطفال فيه منذ عام ( 1991) !
وكنت واحداً من مؤسّسي هذه الجمعية مع ( دلال حاتم – وعلي حمد الله –وعبد الرزاق جعفر )!
* * *
كان من مهمات جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب رصد ومتابعة كل ماينشر من كتب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب وتوجيه هذا النشر الوجهة السليمة المفيدة المجدية ، مع النهوض بالكتاب ( الطفلي) مبنى و معنى وشكلاً ومضموناً . حتى في نوع الورق ، وألوان الغلاف . والرسوم المصاحبة ، والخط المناسب ، والحرف الملائم ، وعدد الكلمات في الصفحة الواحدة ، وفي إخراج الكتاب و…و…و..
وهنا – يمكن الإشارة – إلى ما قامت به وزارة الثقافة من جهد في هذا الإطار العام ومنذ الاحتفاء بعام الطفل في الثمانينات وحتى اليوم ، حتى هذا التاريخ ، لا يمكن إغفال ما قامت به المديرية العامة في الوزارة . مديرية الأطفال في إصدار عشرات المجموعات القصصية إن لم أقل أكثر من ذلك بكثير ، وهي لا تزال تثري المكتبة العربية بكتب الأطفال ( موضوعة أو مقتبسة أو مترجمة .. وكلمة الحق تقال – هنا – هذه المديرة سبقت في العناية بالكتاب الطفلي اتحاد الكتّاب العرب ( !!!)
ومع هذا وذاك ، لا بدّ من الصراحة ، لا بد من أن نقول :
-ما زلنا نفتقد المنهج السليم في تقديم هذه الكتب ضمن توجّه واعٍ وأمين ومسؤول يخضع إلى خطة مدروسة يشرف عليها مختصّون أكفاء في مجال الكتابة الإبداعية للأطفال العرب ، حتى يمكن القول وياللأسف :
*إنه .. حتى اللغة العربية ( وألحّ على هذه الجملة ذاتها) لا يتمّ عبرها أو فيها تقديم هذه القصص التي بين أيدينا … بل إنّ الذين يشهرون أقلامهم للكتابة ( تأليفاً وترجمة أو إعداداً واقتباساً ) لا يكتبون لغة تناسب الأطفال ولا يدركون على الأعم الأغلب ، ما يلائم الأطفال وعالمهم ومالا يلائم !!
وهنا .. يمكن أن نتحدّث من دون حرج عن الأخطاء الشائعة الكثيرة في القصص الموجّهة للأطفال ، وقل مثل ذلك في إهمالنا التراث العربي وعدم الاستفادة منه .. بل اللهاث وراء ما يُصدره (الغرب) إلينا ، ومازالت حكايات السحر والشعوذة والأميرات الحالمات وسوبرمان تملأ أخيلة الأطفال (!!) .
في سورية – بلدنا الرائد مجلة واحدة للأطفال هي ( أسامة) تصدر مرة في الشهر ، مجلة واحدة هل تستطيع أن تلبّي حاجة أطفالنا على امتداد هذا الوطن العزيز !!
* * *
لذا لا بدّ من الكتاب الطفلي .. لا بد من الكتاب الذي يجذب جمهور
الأطفال ويجعلهم يتعلقون به ، يقتنونه ويحرصون على تملكّه ولكن ، ما أقل توافر هذا الكتاب !؟
*دور النشر الخاصة تطرح كل يوم جديداً !!
ولكن التدقيق فيها يجعلنا نشعر بالحزن!!
-لماذا ؟!
-الهدف الأول هو التجارة .. والهدف الثاني هو التجار ولاشيء بعد ذلك !!
والكتاب – بعامة- لم يصل بعد إلى طموح مبدعه وياللأسف !!
*كتاب الأطفال بحاجة إلى الإخراج الجيد ..
كتاب الأطفال لابد أن تواكب الكلمة – الصورة ..
كتاب الأطفال لابد أن يتعانق فيه اللون مع الحرف ..
كتاب الأطفال لابد أن يراعي المستوى العمري الذي يتوجّه إليه
كتاب الأطفال لابد أن يخاطب الأطفال مباشرة فيميلون إليه ويطلبونه ، بل يسارعون إلى قراءته بشغف ومحبة .
* * *
وبعامة يمكن القول :
إن الكتابة للأطفال تنجح عندما نعرف وندرك ما يحسون به ونعرف أيضاً ماذا يريدون !
والدخول إلى مملكة الأطفال ليس سهلاً . ليس معبّداً بالورود والرياحين ..
تعالوا نفهم الأطفال أولاً ..تعالوا نتعرّف إلى عالمهم قبل أن نتصدى للكتابة لهم ..
تعالوا نعرف خصائصهم و.. مستوياتهم قبل أن نقدّم لهم ما يحطّم أحلامهم وأمانيهم !!
نزار نجار