دهر من العطاء والحضارة ،وأنهار إبداع لا ينضب ،بلاد شمال أفريقيا ،سماءٌ سمراءُ مثل ضوء النار ،تفرش القصائد نجوماً عربية المعنى أمازيغية الروح ،مشغولة بيد فنان يجيد ترجمة صوت اللغة ،ماسكاً عنان الإحساس ،بلغتين فيهما كل البهاء.. يشتغل على مشروع التواصل كصاحب رسالة ،يرسم لوحة من جمال وغنى ،مضفورة بشمسٍ على كتف الحياة، إنه بحر ،ومن الصعب أن نختصر « البحر « بقطرة ماء ،حقاً «بشير عجرود» ( مازيغ يدر).. يمد أصابعه الماهرة للمصافحة ،يداً بيد ،ورداً بورد ،لغةً عربية عريقة ،وأمازيغيةً أصيلة ،حيث الشمس ،سيدةُ الضوء ،على مساحة وطن من الجمال والشعر المائز.. تأتي /شيليا / أولاً لتكون طقسا تعبدياً ..وأجمل الأخطاء ..خطأ قبلته ..و/ الأوراس /قبل البدء ..وبعده ،في تصوير شعري نثري ،مشغول من الذرا والمرتفعات والشاهقات من /ما كان أبوكِ امرأ سوء ..يا مريم /.. حيث مربع الخلان والتراب والبحر والوشم ،بصياغات.. مستمدة من المدون المقدس.. قصائد من البيئة وصوت الداخل ،متنوعة في الشكل الفني ،بين الوزن والقافية والتفعيلة وقصيدة النثر ،بين التقليدي والمعاصرة ،بمضمون إنساني واسع ،متمرد مشاكس أحياناً وبارد مسالم أحياناً.. يصوغ «عادل سلطاني» ،خيوطَ الحزنِ خيمةً ،مرشوشةً برذاذ الدموع ،واقفاً خلف باب المساء ويرسل «الطيب صالح طهوري» ،رسائله إلى روح محمد الماغوط ،رائد قصيدة النثر العربية ،ليقول ومن خلال تمرده اللغوي المبهر: ماشياً على أرصفة الضجيج العربي ..من المحيط إلى الخليج ،حيث سفن الحرب والحوانيت والغناء والرقص.. و»ليلى يونس» لا ينقصها عيد ولا مأتم ولها صوتٌ لا يقيس وجعها ..حتى إن الساعة العتيقة على جدار بيت العائلة ،غير قادرة على حساب وقت الوجع وآلامه.. وتخرج «هاجر شويط» ،إلى الشارع كطفلة توزع الخبز للمارة والقمحَ للعصافير ،بجمالية فنية تعيد تشكيل العالم ،لغوياً ،كما تريد ،حيث الرجالُ دون شفاه والبجعة البنفسجية تنام على ركبتها ..وتنسى أن تجعل بعضهم في الصورة ،ماهرة التصوير ،قريبة من التشكيل المركب.. وتقدم «نوال جبالي» ،بوحاً يشبهنا ويشبه الشعر الجميل ،تمنح نفسها له ،هيت لك ،فيكون الجمال.. فضيلة مسعي» ،بلغة مائزة مستحدثة ،حيث الآهةُ سيجارة وقدحها من دخان وليلها لا يهزمه الفجر ،تسأل: أتشرب فنجان القهوة وحدك ،خذ إذاً ،الملعقة وحرّك الفنجان.. وتخبرنا «عفاف الذيبي» ، بأنها ستقفز من النافذة ،بأسلوب فني جميل ، حيث كل مكان تعرفه ،طاعناً في السن ،يسكنه الموت في الديوان زخم شعري باهر ،في الشكل والمضمون ،نشير إليه في التقديم ،مانحين القارئ ومضة أولى ،كي يمسك بنار القصيدة كاملة.. فالغنائية كانت مع ،»علي السعيدي» ،و»علي مباركي» ،والسردية الشعرية ،مع «عايدي همامي» ،حيث الزخم الثقافي المانح القصيدة رؤيتها البعيدة ،بالرموز وإدانة التطرف ،والمسلسلات العثمانية ،المدبلجة.. في الديوان ،المرأة ،تملك جرأتها الكاملة ،لتدين الذكورة التاريخية الشرقية ،»سميرة بو علي» ،تقول: أنا امرأة تحلم بالحب وكل أماكنكم لا رائحة خاصة فيها ..وتضيف ،»خديجة كريوب» ،أنا امرأة كونية ،عربية ،أمازيغية ،..شرقية غربية ،من ريف ومدينة ،تكتب بلغة التفاصيل ،مباشرة ومكثفة.. وتؤكد ،»زكية المرموقي» ،بأن البلاد ليست لنا ،ليست للشعراء ،بنثرية فنية جميلة.. وتكتب ،»نعمة الفيتوري» ،بلغة فيها تعامل جديد مع المفردة ،بانزياحات خاطفة ..ولغة غزلٍ جديدة تلجأ ،»ليلى عمر» ،إلى الداخل الجواني ،الذاتي ،لتقول وجعها ببساطة ،كصباح الخير ،..تبحث عن رجل فريد ،مرسوم بخيال.. وبجمال وحلاوة خاصة ،»رضوان الناجي» ،يقترب من كل الأنوثة ،لغوياً ،وتصويراً فنياً ،حيث الساعة هي وعقربها ،مخاتلاً اللغة والصورة الفنية ،بتقنية معاصرة.. يأتي الغنى في المفردات والبعد الثقافي ،والتفاعل اللغوي مع ،»سمسر حماية» ،و»هند عيسى» و»جمال الجزيري» ،حيث النص الصغير ،ورسائل التضامن مع المعذبين في الأرض ،وتحديث في المضمون والموضوع ،»سمية الألفي» ،مع لغة جديدة وصياغات متقنة للجملة الكتابية الشعرية.. هذه إشارات إلى بعض ما ورد في الديوان ،تقديما لنماذج ،تمثل الكل ،في غناه وسماكته الثقافية المعرفية.. إنه عمل موسوعي يذهب إلى المكتبة ،ليكون راسخاً ،يقدم العطاء الإبداعي الشعري ،في شمال أفريقيا والصحراء عربياً أمازيغياً.. هو جهد مخلصٌ كرسالته وللكلمة في أبهى حالاتها ،وأوسع أبعادها وأطيافها إنه فرح القصيدة.. على مساحة شمس .
أيمن رزوق