قدمت إحدى الفضائيات العربية تقريرا سريعا عن حياة و أعمال الفنان العربي السوري صباح فخري ، فأشار التقرير إلى بعض جوانب حياته الفنية ، و التكريمات التي حصل عليها ، و كانت تلك المعلومات دافعا لأقرأ عنه ثلاثة أيام ، فكنت سعيدا لما عرفته عن فنان كبير من بلدي ، حيث كلنا نسمعه ونطرب له، لكن لا نعرف قدراته الفنية على حق ، و لا نعرف إنجازات قدمها لكل العاملين في النطاق الفني .
حياته
ولد الفنان صباح فخري في مدينة حلب بتاريخ 2 أيار 1933 م ، و اسمه الحقيقي صباح الدين أبو قوس ، أما فخري فليست كنيته الأساسية ، و بدأ حياته كموظف و مؤذن في جامع الروضة ، و كانت بدايات حسه الفني من خلال جو الأناشيد الدينية التي كانت من حوله ، و حضوره للحلقات الفنية دقيقة التمسك بكل الضوابط الموسيقية ، لذلك انتقل لدراسة الموسيقا في المعهد الشرقي للموسيقا في دمشق ، و
تخرج عام 1948 م ، فيما بعد كان و مازال من أهمم قمم الموسيقا الشرقية في انحاء الوطن العربي كاملا ، استنادا للسجلات العالمية للمطربين .
مشوار
غنى أول موال غرد يا بلبل عام 1946 م ، و تابع مشواره الفني الذي اتسم بدقة الخيارات حتى ذكر اسمه في موسوعة مايكروسوفت بصفته رمزا من رموز الغناء العربي الأصيل ، فكان كل الأساتذة الكبار و أعلام الفن يقولون عنه : ذو الصوت الرخيم ، و لديه قدرات لا يستهان بها ، لذلك انضم لإذاعة دمشق و كانت بداية الشهرة ، و الاحتكاك الفعلي بنواة التراث الموسيقي الغنائي العربي في دمشق ، حتى عام 1960 م ، بداية بث التلفزيون العربي السوري ، فكان من أول المشاركين بالسهرات الغنائية مع كوكبة من نجوم الغناء ، و يبدو أنه كان أهمهم ، فدرج الحفاظ على التراث الأصيل ، و لم يقع بموجة الأغاني المستهلكة في البلدان العربية ، كما انه شارك بالسينما و الدراما ، ضمن عمله الأساسي لحفظ التراث .
ومضتان
نعرف المكانة الفنية التي احتلها الموسيقار محمد عبد الوهاب رحمه الله ، و نعرف حساسيته للنغمات ، و أعماله التي نقلت موسيقا التخت الشرقي لحالات أفضل ، فكان محج كل فنان يريد الاطلاع على عوالم الموسيقا كاملة ، و بالفعل تفاجأت و أعجبت عندما قال للفنان صباح فخري : مثلك بلغ القمة ، و لا يوجد ما أعطيك إياه … هذه شهادة و بكل المقاييس ليست عادية ، و حفرت في سجل الفنان فخري ، الذي كان أول فنان يدخل موسوعة غنيس عندما غنى لمدة عشر ساعات ( متواصلة ) دون انقطاع أو توقف ، و الأهم دون إعادة على مسرح كاراكاس في فنزويلا عام 1968 م .
جوائز
خلال تنقلاته بهدف الحفاظ على التراث العربي الأصيل ، قدموا له شهادة تقديرية من محافظ لاس فيغاس في ولاية نيفادا مع مفتاح المدينة ، و مثلها في مدينة ديترويت في ولاية ميتشيغان ، و مدينة ميامي في فلوريدا ، و حفل تقديري و شهادات من جامعة u . c . l . a ، كما غنى في قاعة نوبل للسلام في السويد ، و في قاعة بتهوفن في ألمانيا ، و في قصر المؤتمرات قي مصر ، و مسرح العالم العربي في باريس ، و كذلك مسرح الأماندييه ، و كان له جولات أخرى و محاضرات في التراث شملت : برمنغ هام و لندن و كاردف و شيستر فيلد و كوفينتوري و يورك و ديربي شاير و مانسشتر و غيرها …
تكريمات
أقام له الرئيس الحبيب بورقيبه حفلا تكريميا و قلده وسام تونس الثقافي عام 1975 م ، و حصل على و سام تكريم من سلطنة عمان عام 2000 م ، و نال الميدالية الذهبية عام 1978 م في مهرجان الأغنية السورية في دمشق ، و جائزة الغناء العربي في الإمارات ، و كرمه مهرجان مصر عام 2004 م ، و كان عضوا فخريا في إدارة مهرجان فاس ، حيث نال مفتاح المدينة مع شهادات تقدير تمنح لفنان عربي أو أجنبي لأول مرة ، و كذلك شهادة من المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم عام 2004 م ، و قلده السيد الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى في 12- 2 – 2007 م في دمشق .
متفرقات
أقيمت له في مصر عام 1997 م ، جمعية فنية تضم محبيه ، فكانت أول جمعية رسمية تقام لفنان غير مصري في مصر ، كما قام إلياس بودن من تونس بتقديم رسالة الأساتذة في العلوم الموسيقية ( الوحيدة ) في العالم المنجزة حول مطرب عربي هو الفنان الكبير بحق صباح فخري ، كما شغل عدة مناصب قيادية في مجالات مختلفة ، بعدما كان قد أنجز ما يقارب 160 لحنا ، و غنى 367 لحنا ، و تمتع بقدرة على التجديد و الإبداع ، و التنقل اللحني المباشر بين المقامات بسبب تمكنه من تكوينات السلم الموسيقي ، و من الزخارف و العرب الموسيقية المدروسة ، و امتلاكه حنجرة صافية قوية و طيعة في الوقت نفسه ،و من أشهر أغانيه : فوق النخل و حادي العيس و خمرة الحب و مالك يا حلوة مالك و غيرها الكثير ، و لقد تزوج مرتين ، فأنجب من الزواج الأول : محمد و عمر و طريف ، و تزوج ثانية بعد وفاة زوجته و أنجب ابنه الفنان أنس .
أنا وأم كلثوم
و يشير الفنان صباح فخري إلى أن الجمهور يزيد من الإبداع على المسرح ، و إن موجة الأغاني الشبابية ، زبد في بحر الغناء الغربي الأصيل ، و الزبد يزول ، و يرى ان الغناء الصحيح هو تطهير ، كما يقول : أنا الحلبي صباح فخري ، واحد من اثنين دخلا كل البيوت ، أنا و أم كلثوم ، و هذا ما سأقدمه دوما .
المحرر
قدمنا مادتنا هذه ، نوعا من العرفان البسيط تجاه من رفع اسم بلدنا الغالي سورية عاليا ، و تجاه من حافظ على أصالة الغناء العربي ، و دعمه و منعه من الاندثار و الاختلاط غير الشرعي بما نلمسه من الهبوط المقصود تجاه فننا الغالي ، وأتمنى أن نكون قد وفقنا .
شريف اليازجي