المراهقة مرحلة خطرة وحساسة كيف نساعد أولادنا على تخطيها؟

 تعد فترة المراهقة من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان حيث ينتقل من مرحلة الطفولة إلى الشباب، كما أنها مرحلة معقدة من التحول والنمو تحدث فيها تغييرات عضوية ونفسية وذهنية واضحة تجعل المراهق يعيش فترة من الضياع والغربة أو الانقياد لتصرفات خاطئة أو سلوكيات غير محببة مايفرض على الأهل اختيار الطريقة الأمثل للتعامل مع ابنهم المراهق ولاسيما أنها مرحلة تمتاز بالحساسية والانفعالية المفرطة وسهولة الاستثارة وتقلب المزاج والقلق، فهل جميع الأسر لديها الوعي الكافي أم أننا نجد في مجتمعنا الكثير ممن لا يمتلك الوعي أو ليس لديه الوقت للاهتمام بالأبناء ؟؟ 

أولا استطلعنا آراء الأهالي وكيف كانت تجربتهم مع أبنائهم في هذه المرحلة ولاسيما أن هذا العصر هو عصر الانفتاح على وسائل الاتصال المتعددة، ما أجمعوا عليه غالبية من تحدثنا معهم أنه يجب على الأهل الانتباه جيداً إلى الابن في هذه المرحلة الحساسة، لأن أي تصرف غير مدروس معه يجعله ينفر أو يتصرف تصرفات لا تحمد عقباها وخاصة أن الأبناء أمام سيل من القنوات الفضائية وسيل من وسائل الاتصال فهم يحاولون تقليد كل ما يشاهدونه أو يسمعونه.
في حين أنه اعترف قسم آخر بأنه على الرغم من معرفتهم بخطورة هذه المرحلة ومحاولتهم للتعامل بحذر إلا أنهم لم يستطيعوا تطبيق ما يعلمونه فقد لجؤوا إلى الحزم والقسوة معهم ، كلما رأوا تصرفات لا تعجبهم وهذا انعكس بشكل سلبي على شخصية أبنائهم هذه.

خد وعين
نبال تتحدث عن تجربتها مع ابنها تقول: وصلنا إلى مرحلة نخسر فيها ابننا بسبب تعاملنا القاسي معه وتحديداً والده بسبب سلوكياته وتصرفاته الطائشة، ربما أن مراهقته كانت أشد من أقرانه وتتطلب الحزم ولكن ليس بشكل دائم، فعلى قول المثل خد وعين وتتابع حديثها ربما تصرفاته هي من كانت تدفعنا إلى اتباع القسوة ،فمرة هروب متكرر من المدرسة نتيجة صحبته لأصدقاء غير مباليين ومرة لجوؤه إلى التدخين وثالث إلحاحه بأن نشتري له دراجة وغيرها من السلوكيات.
أما هند التي استطاعت بفضل حسن تعاملها وتفرغها مع زوجها لابنها أن تبعده عن الكثير من التصرفات غير المحبذة عن طريق الحوار والإقناع ومنها إبعاده عن التدخين والنرجيلة وتنظيم فترات خروجه من المنزل دون قسوة، حيث تقول: خلال هذه المرحلة ينظر المراهق على أن التدخين يجعل رجولته تكتمل ويزداد ولعه بالتدخين إلا أن سلوكنا الذي اعتمد على الحوار والإقناع معه أدى إلى نتائج إيجابية وأيضاً خلال هذه الفترة ولاسيما بدايتها حاولنا الخروج معه في أغلب الأوقات وصحبته إلى أماكن يرغبها حتى أصبحت معه عادة دون أن نحرمه من الخروج مع أصدقائه، ولكن بمتابعته بشكل غير مباشر لأن هذا الوقت مخيف بعد أن أصبح الجميع مطلع على كل صغيرة وكبيرة.
أهل الاختصاص كيف يرون هذه المرحلة وما هي النصائح التي يتوجهون بها إلى الأهل للتعامل مع المراهق دون التأثير على شخصياتهم؟
الأستاذ مجد العزي اختصاص علم اجتماع يقول: في مرحلة المراهقة يحدث اكتمال نمو عقلي عند الشباب ويصبحون قادرين على التفكير المنطقي والتحليل النقدي ما يجعلهم لا يتقبلون الأفكار والمبادئ والقيم التي يقدمها لهم الكبار بنفس البساطة والقناعة كما كانوا يفعلون في طفولتهم وإنما يلجؤون إلى التحليل والمناقشة وأما الرفض أو القبول بها وهذا ما قد ينجم عنه الصراع النفسي نتيجة لتعارض مطالب الأسرة وميولها مع رغباتهم وميولهم وأيضاً الأهل تطرأ عليهم تغيرات بأن ابنهم لا يتقيد بكل ما يطلبونه منه وهنا يجب عليهم التفهم بدلاً من التسرع في إصدار القرارات فالأمر متعلق بالأهل والابن المراهق ويترتب عليهم أيضاً الإصغاء إلى المراهق والحوار معه والأهم من ذلك إظهار الاحترام والتقدير له وعدم استخدام العنف أو القسوة أو تأنيبه وتوبيخه ويترتب على الأهل أيضاً محاولة معرفة نوبات الغضب التي قد يعبر عنها المراهق بصراحة أم لا لمعالجتها وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي والمادي، والانتباه جيداً إلى أعراض الاكتئاب التي قد تظهر عند بعض الأشخاص ومن الضروري أيضاً اختيار هواية معينة لممارستها مع الابن لإخراج الطاقات السلبية من الغضب والحزن لديه والخروج معه في نزهات أو رحلات لقضاء أوقات ممتعة ، ولكن بالمقابل لا يعني أن نترك لهم الحرية الكاملة دون رقابة أو متابعة ولا النظر إلى المراهق على أنه لما يزل طفلاً صغيراً، فالمطلوب هو الوسطية في التعامل لخطورة هذه المرحلة وحساسيتها أما أهم المشكلات الخطرة التي قد يمر بها المراهق في هذه السن ويكون أغلبها بسبب الميل إلى المغامرة هي التدخين والعلاقات غير النمطية وأصدقاء السوء والسلوكيات الخطيرة مثل القيادة المتهورة أو استخدام الأسلحة والاكتئاب الذي يدفع بالمراهق إلى التفكير بالانتحار، إذاً هي مرحلة خطيرة تتطلب منا فقط قليلاً من المتابعة والحذر والدقة في التعامل مع أولادنا بحيث لاتنعكس أساليب تعاملنا على شخصياتهم بشكل سلبي .
نسرين سليمان