تركوا كل شيء وراءهم … تركوا كؤوس الشاي فارغة وحولها فتات الخبز وقطع الجبن متناثرة ، على مائدة الإفطار هنا وهناك ….
غادروا المنزل مسرعين فرحين ، حملوا وراء ظهورهم الغضة الطرية حقائبهم الجديدة المزركشة بمختلف الألوان والرسومات ثم وضعوا بداخلها كتبهم الجديدة ومستقبلهم المشرق .
اليوم .. فتحت المدارس أبوابها .. ونسائم خريفية ناعمة تدغدغ وجوههم البريئة الناعمة ..
ساروا جماعات والتقوا مع أصدقائهم ، ركضوا يتصايحون ويتحدثون ويملؤون الكون بأصواتهم ، وضحكاتهم ، وكأنهم أسراب عصافير تدعو بعضها إلى بستان مزهر أخضر .
راحت أقدامهم الصغيرة تداعب الياسمين المتساقط من سور الحدائق وأيديهم تمر على الياسمين الممتد بياضاً وألقاً مع بدايات الخريف .
تلك الطفلة جمعت بيديها زهرات ياسمين لمعلمتها – لقد أحبتها كثيراً
وهذه وضعتها برفق في كتابها الجديد لتصبح رائحته منعشة .
وذاك لملم ما تبقى في حقيبته لأن عبق الياسمين جميل – والحقيبة جديدة عزيزة عليه .
إيقاع جديد سيطر على حياة الطلاب والأهل والناس ، مع بداية العام الدراسي ، وآلاف الطلاب والأطفال يدخلون فضاءات المستقبل الآتي ، ويقضون كل أوقاتهم بين كتبهم ودفاترهم …
وتتوالى الأسئلة أمام عينيّ كم من الأعوام حتى يكبر هؤلاء الصغار الذاهبون إلى مدارسهم ؟
وكم علينا أن ندخر من جهد ومال وصحة حتى تتضح أمام أعيننا براعم اليوم وثمار الغد؟
إنهم أكبادنا تمشي على الأرض .
عجيب عالم الطفولة ، ذاك العالم النقي الوحيد الذي نجد سعادتنا بدنياه ، وعالم المدرسة والعلم ، عالم جميل ومثقف ومثير …
ترى فيه مستقبلنا بمختلف الألوان والأشكال
الآن تحضرني أبيات من الشعر لأمير الشعراء أحمد شوقي وتشدني لسنين مرت عليّ أيام الدراسة :
ألا حبذا صحبة المكتب
وأحبب بأيامه أحببِ
ويا حبذا صبية يمرحون
عنان الحياة عليهم صبي
رامية الملوحي