من صفحاتهم .. بعد الخامسة والستين ….

إنه يومي الأول من عامي الخامس والستين….!! أليس هذا كثير؟؟.. كأنني صخرة والأيام ماء نقطة…نقطة بهدوء واستمرار وإلحاح…هل فتتني الزمن..?
أظن ذلك, وأظن أيضا انني عشت أكثر ماينبغي ..لأن السنوات الماضية سنوات الحرب المجنونة والتي مازلنا نعيشها لم تكن أيامها اﻻ نقاطا من الأسيد أو حمض كلور الماء. منذ ما يقارب الأربعين من سني عمري كانت القصيدة حبيبتي وأصدقاء الشعر والفن والإبداع أصدقأئي الأثيرين. كل ما كان حولي يغريني بحب الحياة والعيش دون أن أحصي الأيام. أربعة أشياء أحببتها في حياتي فقدت منها ثلاثة حتى الآن : أمي …وحبي الأول ……وبيت عائلتي الذي عشت فيه طفولتي وشبابي وخبأت بين شقوق أحجاره البازلتية الزرقاء أعشاش عصافير الدوري وقصائدي ألأولى وذكريات حبي الأول وفرحة أمي وهي تضع فتات الخبز لعصافير الدوري واليمامات……. وقد طردتني منه هذه الحرب الظالمة ولم يبق لي سوى واحدة…..أسرتي…..زوجتي صديقة روحي ورفيقة عمري أم أولادي ….. تلك المرأة النبيلة التي تحملت بقلبها الكبير طيش الشاعر الطفل تارة ونزق الرجل الشرقي تارة أخرى وكانت وماتزال تزيل بحنانها ولهفتها كل همومي وأحزاني.. أسرتي الجميلة والحنونة هي كل ماتبقى لي والتي أتمنى من الله أن تبقى لوداعي وأنا أحزم حقيبة سفري الى ما وراء الغياب حيث ﻻقتل وﻻدمار وﻻ لهاث خلف المأوى الماء والكهرباء حيث ﻻ يقتل الإنسان إنسانا إذا إختلف معه في الرأي.
أقول إنني تعبت من عمري وعفت الحياة بعد أن كنت عاشقا لها، فهل أستريح قريبا….. ﻻبد أن أرحل اذا لم ينتهِ كل هذا الجنون……. ولكنني قبل أن أفعل ذلك لابد لي أن أشكركم ياأحبائي وياأصدقائي الرائعين على كل الأيام الجميلة وكل الذكريات الحلوة! وشكراً من الأعماق لكل من هنأني بعيد ميلاي ودفعني لكتابة ما كتبت مثيرا في هذه الشجون وعلى كل ما أرسلتم من أمنيات طيبة ولوحات جميلة تشف عن ما في أرواحكم من محبة وسمو في يوم مولدي الذي يشبه كل الأيام التي تتسرب من أصابعنا كالرمال! فقد كانت أيامنا جميلة وجديرة بأن تعاش كما كانت كلماتكم أزرار ورد وشدو بلابل ودهشة ظمآن باغته مطر غزير غزير…. ….
أشكركم جميعاً لأنكم مررتم بحياتي، كنت أتمنى لو أقدم لكل منكم وردة، ولكن هذا الزمن الصعب لم يبق من الورود إلا أشواكها ومن أصابعنا سوى عيدان كبريت توشك على الاشتعال.
ملاحظة هامة : لا أذكر قبل وجود الفيس بوك في حياتي أنني تلقيت تهنئة من أحد، دائماً كنت أتذكر يوم ميلادي بعد مرور عشرة أيام على الأقل وأحيانا ﻻ أتذكره إطلاقاً هل لأن مرور الأيام والأعوام لم يكن يعني لئ شيئاً؟ هل لأن الحياة كانت حلوة وممتعة؟ كل ذلك ممكن فأنا لم اعلم إلا اليوم أنني عشت كثيراً وأن الأيام القادمة فائضة عن حاجتي. شكراً لكم جميعاً وللفيس أيضاً!.

عبد النبي التلاوي

المزيد...
آخر الأخبار