(في ذكرى رحيل الأم)
-1-
«إلى أمي «بسيمة»
رأيتها في منامٍ،
تناديني بصوتها الحاني
من كوةِ بئرٍ عالية
فأجبتها: لا تقلقي
ستمر قافلةٌ سيارةٌ، أرافقها إلى مصر..
قالت: تعلَّقْ سريعاً بالحبل، سأشدُّ..
سرعان ما أطلت تباشير الصباح
تزين قهوتنا على منضدة سمراء
ماتزال ترافقنا منذ طفولة بعيدة»..
-2-
مآذن من بياض شاهق
مسحت جبيني
في عطافات المسير
أهذي أنت يا أمي ؟
عرفتك من ملاءتك الحرير!
مددتِ إلى الخوابي
طاسة من فضةٍ
بلّلت يابستي وأحلامي
وأيقظت الطفولة في دمي
هذا أبي
بغبار مهنته يعابثـني
ويسمع نشرة الأخبار
تفتنه الأماني
بينما ألهو بألعابي
وأخفيها بصندوق
ينام على فراش من ظلام شاحب
تحت السريرْ.
شراعي ناحب في الريح
عذّبه الفراق
فباح للأمواج بالأسرار
تحمله مشردةً تفاصيلي
إلى مدن
تناءت في قبائلها
لكل قبيلة علم
يرفرف في مضاربها
– أصيحابي
أنادي أهلها
بعد ارتحالي في مجاهل
كنت فيها ضائعاً
والبحر حول سفينتي
عالي الهديرْ .
خشيتُ على صناديقي
من الأيام أو من غربتي .
فرميتها
في بحر « بيروت « التي أحببتها
قالت: تعود إليَّ يوماً يا فتى
فأجبتها متلعثماً بدموعها
والعتمُ يشرب من كلامي
نخبهُ الصافي الأخيرْ.
قناديلي
ترتـّل للمساء نشيدها
بأنين جوقتها
تمدّ له الدروب
فينحني بوداعة فيها
ويطبع قبلة من ظلمة حيرى
على يدها
يرنّ سوارها
والنور فيها سيّد
يحنو على الضيف الأميرْ .
تغطّتْ بالليالي راحتي
كيف العبور إلى التفاصيل الجميلة ؟
تفرش الضحكات
في مرج نضيرْ .
تلملم من دروبي حزنها
وتعيد أشرعتي مهللة
وحادبة على قلبي الكسيرْ .
أحث خطاي
والريح التي عاندتها
تلهو بأوتاري
نشيدي مسرف
بعتابه العالي
فأين ملاءة الأم التي ضيّعتها ؟
أين الخوابي
نشرة الأخبار
ألعابي
وصندوقي الصغير؟.
راتب سكر