يعد شهر أيلول من الأشهر التي يحسب لها الأهالي ألف حساب حيث يزداد الإنفاق والمصروف فهو معلوم للجميع بأنه شهر تأمين المونة الشتوية لتسد حاجات فصل الشتاء المتزايدة والمترافقة مع سوء الأحوال المادية وارتفاع الأسعار، وكذلك مع تأمين مادة المازوت لاتقاء برد الشتاء القارس، وما يزيد الطين بلة هو قدوم العام الدراسي الجديد الذي يزيد من الأعباء المادية للأسر ويرهق ميزانيتها مع ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية بشكل كبير ومع زيادة احتكار التجار وأصحاب المحال التجارية للمواطن واستغلال حاجته لشراء هذه المستلزمات الضرورية فيتسابقون لزيادة الأسعار التي تتفاوت بين محل وآخر كل حسب طمعه وحبه للمال وكل يرمي السبب في زيادة الأسعار على ارتفاع الدولار.
والمضحك أن المواطن السوري قد اعتاد على هذه العبارات وبات يرددها بشكل يومي ويقتنع بها بشكل اضطراري مع غياب الرقابة على الأسواق والمحال التجارية مما فسح المجال أمام الاستغلاليين لسرقة أموال المواطن الفقير صاحب الحاجة للشراء، والذي يعتبر أكثر من يعاني لأن دخله محدود ولا يسد إلا القليل من حاجات المنزل الكبيرة ما يضطره للعمل في مكان آخر أو يجبره على اللجوء للاستدانة من بعض الأصدقاء أو الأقارب لسد حاجات هذا الشهر المتعب والمرهق خاصة أنه يجد نفسه أمام مأزق كبير وهو توفير مستلزمات المدرسية من قرطاسية وبدلات وحقائب وأقساط التسجيل في رياض الأطفال الخاصة ما يمثل إرباكاً كبيراً للعائلة يفوق كل الإمكانات المادية والتصورات.
وقد حاولنا رصد بعض آراء أهالي الطلاب بالأسعار ومدى قدرتهم على شراء متطلبات المدارس خاصة مع ترافقها مع تأمين المونة والمازوت.
كابوس يثقل كاهل الأسرة
حيث أكدت لنا ميادة اسماعيل وهي أم لأربعة أولاد في المدارس والجامعات بعد تنهيدة وابتسامة يتخللها الحزن والكآبة بأن قدوم العام الدراسي كابوس يثقل كاهلها لأنه ما إن يأتي حتى تبدأ بالتخبط والتفكير في كيفية تأمين مستلزمات المدرسة التي حلقت أسعارها فوق نطاق المعقول ولم تعد قادرة على شرائها لذلك تلجأ إلى الجمعيات الشهرية أو لشراء الأغراض بالتقسيط كل شهر لولد وذلك خلال أشهر الصيف حتى تخفف عن نفسها حمل دفع المبلغ كاملا خلال شهر واحد وكل ولد من أولادها يريد أن تشتري له حاجاته بالدور الأول ولكن أكثر ما يصدم في الموضوع هو الأسعار الغالية جدا حيث تتراوح أسعار البدلات بين 10000و12000 وذلك حسب جودة القماش ونوعيته ما يضطرنا لشراء القميص والبنطال فقط مع الاستغناء عن الجاكيت لأننا غير قادرين على دفع ثمنها فالحاجة كبيرة والمتطلبات كثيرة فالله يعين العباد ويساعدهم
اللجوء لإصلاح الأشياء القديمة
أما أم محمد أكدت لنا بأنها مع ازدياد الأسعار اضطرت للجوء لإصلاح الأشياء القديمة لدى أولادها كالحقائب والبدلات والأحذية والمراويل رغم أن ذلك لم يعجب أولادها ولكنها مضطرة لذلك فليس باليد حيلة فقد اقتصرت مشترياتها على ما هو ضروري جداً وقالت بأنها كانت تلجأ كل عام لشراء حاجاتها من الأسواق الشعبية ذات الأسعار الرخيصة والمؤسسات الإستهلاكية التي تبيع عادة بأسعار منافسة للسوق ولكنها لاحظت أن الأسعار أصبحت متقاربة ومرتفعة ولم يعد هناك فرق كبير بينهم وقد اضطرت للاستدانة لسد الحاجات الضرورية لأولادها
فرحة للآباء والأمهات
أما محمد علي بيّن لنا مع ابتسامة عريضة بأن عودة الطلاب إلى المدارس هو فرحة كبيرة للأسرة لأنه يخفف من العبء الموجود في المنزل فالأسرة التي لديها أربعة أولاد صغار طيلة أشهر الصيف يصرخون ويلعبون وليس لديهم شغل إلا الصراخ والنكد فإن هذا الأمر يبعث الأهل للجنون وخاصة مع ازدياد التجمعات واللقاءات مع الأقارب والجيران حيث تصبح الحياة أكثر ضجيجا وإزعاجا ولا تستطيع أن تسمع إلا الأصوات العالية والمتتالية التي تأتيك من كل صوب وتفقدك القدرة على التركيز والتحكم بأي شيء في المنزل لذلك يشعر الأب والأم بأن الحمل المتعب قد غادرهم بعيداً مع بداية العام الدراسي.
وبهذا نستطيع القول بأن المدرسة هي نقمة مع ازدياد الحاجات المدرسية ونعمة كبيرة لأن الأسرة تعود إلى الاستقرار النفسي والهدوء الذي افتقدته طيلة أشهر الصيف حيث قضى الأولاد فيها عطلة استجمام طويلة مترافقة مع حرية كاملة مليئة بالفوضى وعدم الانضباط والتقيد بالأوامر فعليهم مع بداية المدرسة العودة إلى السهر والدرس وبمعنى آخر سيجد الطالب نفسه ملزما بإعادة التأسيس لروتين يومي تخلى عنه لفترة طويلة وهذا لا يتم بين ليلة وضحاها وإنما بعد جهد وتنظيم فمرحبا بقدوم المدرسة وأهلا بعودة طلابنا إلى مدارسهم ودروسهم فالله يحميهم ويحمي سورية ويحفظ قائدها وجيشها الجبار حامي الحمى والوطن.
زهور رمضان
المزيد...