الإتجاه الآخر .. سمو بفن القصة

قال الفأر :-في البداية كان العالم واسعاً ورحيباً ,أخذت أجري وأجري ولم يكن هنالك شيء على اليمين أو على اليسار , حتى أنني فرحت عندما لاح أول جدار .غير أن الجدران أخذت تضيق وتضيق , حتى وجدت نفسي في الزاوية الأخيرة في الغرفة الأخيرة فعلاً . (كان يكفي أن تغير الاتجاه ) قال القط وهو ينقض عليه …(كافكا)
بهذه المقدمة يستهل فواز مزيك مجموعته القصصية التي حملت عنوان (الاتجاه الآخر) يسافر بعيداً في رصد واقع مأزوم لدرجة التوحش ,ففي قصة معنونه (البداية) يقول الكاتب فواز مزيك : أدركت أنني هالكة لا محالة إذا لم تحدث معجزة ,ثم باغتني الضوء كصفعة , وامتلأت أذناي بفوضى متوحشة فأعلنت احتجاجي بكاءً مراً استنزف قواي الناضبة .
هكذا يمارس فواز مزيك هوايته النبيلة في سرد واقع بلغة سهلة ممتعة ومتفردة بإيقاعها وأحداثها مما دفع الكاتب الكبير وليد إخلاصي إلى أن يخصه بمقدمة يقول فيها: تنبىء قصص المجموعة عن مخيلة غنية , تبدو البراءة على سطحها وتختبىء في العمق قدرة على التخيل المركب والذي لا ينضوي تحت لواء الفذلكة التخيلية التي أصيب بها عدد من الكتاب .وتدل كذلك على وعي الكاتب العميق بالحياة والمجتمع, وبالحركة التحتية أو الخلفية لمدلولات الحياة الاجتماعية ,وتؤكد قدرة الكاتب على الامساك بالرموز الفنية ومعادلاتها الواقعية بقدرة عالية تدل على مران يمازج الموهبة الفطرية عنده , ولا تبتعد الروح المرحة الذكية عن نصوصه .
لقد وقع الكاتب فواز مزيك نصوصه القصصية المريبة في شكلها وبنيتها (ربما إصداره الأول لأنني لم أسمع باسمه من قبل للأسف) فذهب باتجاه الحداثة أسلوباً ورغم هذا حافظ على جوهر الحكاية , نوع في أسلوبه عبر إبداعه نصوصه (اثنا عشر نصاً قصصياً )منها –البداية-مغامرات الشبح الفتي-كاتب قصص قصيرة-البوط- القرية- المغول- السجن- يوتوبيا- رائحة- التعب المجند أحمد شوقي-الثأر .
هي عناوين قصصه لعوالم مختلفة متناقضة ,هذه العناوين متناثرة تحاول أن تثير الكثير من الشجون والأسئلة الملتبسة ,مثل قصة (كاتب قصص قصيرة) ترى هل يقدم تجربته أم تجربة غيره …؟ لا يهم …لأنه قدم كاتب قصة ترفض نصوصه ولا يقرأها سوى أسرته التي تعجب به كثيراً بل وتدفعه قدماً ليكتب أكثر وأكثر ,وربما قصة (البوط)بما تحمله من رمزية موحشة ,إذ يتكلم ويبوح بلغة البوط عندما كان صغيراً وجميلاً وجديداً ,يقول: كان جلد وجهي مشدوداً أملس , والإبزيم لامع وجميل ,أما النعل فقاس متين يمكن الوثوق به .
هكذا هو فواز مزيك يستنطق معاناة ومتعة البوط ,عندما رفس الكرة ..و…و…هي نوع من الفنتازيا بشكلها ومضمونها الغرائبي .
إن تجربة الكاتب القصصي فواز مزيك بمجموعته القصصية (الاتجاه الآخر) جديرة بالقراءة والنقد ,لأنها تحمل سمات خاصة به حاول أن يترك أثراً مميزاً( وسيبقى الأثر في ما يقدمه بعد هذه المجموعة القصصية) في عالم يضج بأسماء تدعي بأنها تكتب قصة قصيرة .
محمد أحمد خوجة

المزيد...
آخر الأخبار