عرضت منذ فترة واحدة من الشاشات الفضية الوطنية المسلسل السوري الدغري ، بعد عرضه لأول مرة عام 1992 م ، حيث تم اقتباس فكرة العمل عن قصة للكاتب عزيز نيسين ، تتحدث عن شخص ألعبان يتمتع بأفكار تسبق زمنه و الأشخاص من حوله ، و يلقب بالدغري أي المستقيم بعمله ، و بالطبع هو عكس ذلك ، لتدور الأحداث المشوقة في قرية صغيرة تدعى كوم الحجر ، بتوقيع المخرج هيثم حقي ، سيناريو وحوار د . رفيق الصبان ، مكون من عشرين حلقة ، المسلسل كوميدي اجتماعي بامتياز .
وقت عرضه الأول
اتذكر أن وقت عرضه الأول عام 1992 م ، شد شرائح المجتمع كافة ، و كنا نتذمر جدا من التقنين الكهربائي حينها ، لأنه كان يأكل الثلث الأخير من كل حلقة ، فالأحداث تدور بين ألاعيب الدغري ، و بساطة أهل القرية ، فكانت جمالية العمل تنطلق من الواقعية الحتمية للأحداث ، التي تجول بين العلاقات الاجتماعية و السياسية و حتى بين العائلة الواحدة ، و ابدع فنانوا تلك الحقبة في تقديم الأدوار و توصيل الأفكار و الأحاسيس و النتائج بأفضل ما يمكن ، هنا لا بد من ذكر حيثية أساسية من أسباب نجاح العمل ، و قربه من الناس ، و متابعته بالوقت الحالي بشغف ، حتى بعد مرور ( 28 ) سنة ، و هي وجود نفس النوعيات من البشر في وقتنا ، لا بل تضخم الأنا و الأساليب المتبعة في الاحتيال على البسطاء للوصول لأي غاية ، على مبدأ ميكافللي ( الغاية تبرر الوسيلة ) .
الأحداث
يقدم شخصية الدغري دريد لحام ، و هو الشاب المفتح الطموح ، المدعي الدائم بمعرفة المقامات العليا من السلطة ، بهدف بسط سيطرته على مجتمع القرية كاملا ، و تحقيق أهدافه ، لذا لا بد من ظهور بعض من يحاولون اعتراض أعماله ، و في كل مرة تقريبا يقتربون من كشف الدغري ، تكون حصافته اللعينة منقذا له من محاولاتهم المتكررة ، حتى الطبيبة مها الوحيدة في القرية التي قامت بدوره جيانا عيد ، كانت من أهدافه ، فكان الكر و الفر تجاه الوصول لقلبها من تدبيره ، و بالفعل نجح و تزوجها ، و استمر باستغلال أي موقف و أي شخص ، حتى وصل للنيابة و انتقل للعيش في العاصمة مع زوجته التي بدأت بكشف ألاعيبه تجاه أهل القرية ، و من ثم رفضت أن تكمل حياتها معه .
في القرية
يهندس حاجات القرية المجلس البلدي ، فيقوم بدور رئيس المجلس حمزة ( عمر حجو ) ، و قائد الدرك جاسم ( عبد الفتاح مزين ) ، و شيخ القرية بدر ( حسن دكاك ) ، و صاحب الفندق الوحيد البارودي ( أحمد عداس ) ، و اسماعيل ( عصام عبجي ) ، و المعارض ( يوسف حنا ) ، و بالتأكيد الدغري ، فكانا جاسم و حمزة و دوما يحاولان الايقاع بالدغري ، و الشيخ و البقية من صفه ، و المعارض كالعادة لا يعجبه شيء ، بالإضافة لإقطاعي القرية شريف آغا ( خالد تاج ) ، و أحداث المسلسل تحاول تقارب الأطراف من بعضها ، لكن في النهاية يبقى الكل حلى حاله ، و لا يمكن للتجار أن يتفق من المعارض الاشتراكي ، و لا يمكن للإقطاعي أن ينسجم مع الفلاح ، و لا الخائن من صاحب السجية الراقية ، لذا نقول تحية للدراما السورية و أبطالها ، و نعرف بأن الانتاج الدرامي الوطني تأثر مؤخرا بجملة الأحداث من حولنا ، لكن كلنا أمل بتقديم الأجمل و ما يستحقه بلدنا .
شريف اليازجي