وجهة نظر : بين الجهد الفكري والجسدي

يحتاج كل فرد إلى نشاط إنساني فكري أو جسدي، وذلك بحسب طبيعة هذا العمل ، وما نراه في مجتمعنا هو التثمين للجهد الجسدي وبخسهم للجهد الفكري، ويشكل ذلك تهديدا لتطور المجتمع وتقدمه العلمي، وكلنا يعلم بأنه لا غنى في الحياة عن الجهدين ولكن هل فكرنا مرة أيهما أقوى وأشد تأثيراً على المجتمع، فإذا ما عدنا إلى العمل الذي يتطلب جهدا جسديا سنرى أن هذا يتطلب قوة جسدية مبذولة من قبل صاحبه ويتطلب قوة عضلية كبيرة أيضا ، أما عن آثاره على الإنسان في حال كونه شاقا فإنه سيؤدي إلى تعب جسدي كبير ووهن في أعضاء الجسم كافة وإن آثاره في معظمها ستنحصر على صحته الجسدية أما الصحة النفسية فلن تتأثر ذلك التأثير.
علماً أن بعض الأعمال الجسدية يكون لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية لمن يلعبون الرياضة ،ولكن ماذا عن الجهد الفكري المبذول والذي يتطلب استنفاراً للدماغ والمخ والجهاز العصبي عند الإنسان ماذا عنه هل فكرنا يوما بحجم الآثار السلبية التي ستنتج إذما ثقل على صاحبه؟
إن الجهد الفكري وحسب ما يقوله الباحثون له آثار نفسية كبيرة على صاحبه، قد تتمثل بالأرق والصداع الدائم وأحيانا تسارع في دقات القلب وقد يتطور الأمر إلى مرض عصبي يصيب الجهاز العصبي ناهيك عن آثاره على جسد الإنسان فهو يترك وهناً عاماً في الجسد، ومع ذلك نرى أن مجتمعنا لا يستطيع أن يراه بعينه المجردة وأنه يثمن الجهد الجسدي أكثر، ولعل ذلك يعود لكون الجهد الجسدي بصري ، فنحن نرى بأم أعيننا ما قدمه العامل من جهد كبير لإنجاز عمله ،فلا نحاول أن نقلل من ثمن عمله ونعتبر ذلك حقه ولكن بالمقابل نقلل من قيمة أي جهد فكري مبذول مستنكرين أجر صاحبه لأننا لم نره يفعل شيئا أو أن ما قام به هو أمر بسيط ،غير مدركين أن الجهد الفكري يعتمد على جهد مبذول لأعوام طويلة سابقة ولم يصل صاحبه إلى ما وصل إليه الآن إلا بعد جهد وتعب يصعب تصوره وهذا ما جعلنا نبخس صاحب الجهد الفكري حقه ،فالمهندس الذي ينجز مخططا لبناء سكني ضخم ، هو مدرك تماماً أهمية ومسؤولية مايفعل، فيعمل بجد لينهي مخططات البناء التي يراها بعض الأشخاص مجرد أوراق رسم عليها خطوط فلماذا يتقاضى هذا الأجر الكبير ،هل سألنا أنفسنا يوما ماذا لو انهار هذا البناء؟ إنه عندها سيخلف كارثة إنسانية لن تقدر بثمن نحن لم نره وهو يفكر ويخطط ويحسب مسترجعا دراسته واضعا خبرته كل ذلك تم في صمت داخله ، أما الطبيب فتعلو الأصوات على أجورهم ( وهنا نحن نتحدث عن بعض الجشعين.
(وهم قلة قليلة) إن هذا الجراح يستنزف فكره وجملته العصبية كلها أثناء قيامه بعمل جراحي لإنقاذ روح بشرية ولم يصل إلى هنا إلا بعد نعب سنوات طوال، أما الطبيب الذي يشخص المرض للمريض فهو حقا قبض ذلك المبلغ الكبير على جملة قالها للأسف هو واقعنا فإن تشخيص المرض يعتبر قرار يأخذه الطبيب ويتحمل مسؤولية تبعاته ،أما المعلم فالنظرة تبدو بمستوى أدنى أيضا فماذا يفعل سوى تعليم أبنائنا القراءة والكتابة غير مدرك أن هؤلاء الأطفال في الصف الأول هم جيل المستقبل إنه يبني جيلا ستقوم عليه أمة,
يكفينا جموداً فاتخاذ القرار له ثمنه والفكرة لها ثمنها للنظر إلى الدول المتقدمة التي تدفع الملايين من أجل شراء فكرة للنظر إلى تلك الدول التي تجذب أبناءنا لأنها تقدر فكرهم الذي يحملون ،وكل ما نطلبه هو إعادة التفكير في هذا المنظور السائد والذي بات ثقافة مجتمع فمن السهل أن تهدم جبلا ولكن من الصعب اتخاذ قرار هدمه .ا
شذا الوليد الصباغ

 

المزيد...
آخر الأخبار