بعد مرور ثمانية عشر عاماً على آخر يوم لها في الثانوية خرجت فيه بحلة التخرج وفخر والديها بها واليوم عادت لوطنها بعد أن أثبتت نفسها على كل الصعد في الخارج وبنت لنفسها قاعدة من الجماهير, لازالت تذكر ذاك اليوم عندما سخر منها أصحابها ومعلمتها لتعود وتثبت للجميع كم كانوا على خطأ إنها الآن في سيارتها التي صممتها بنفسها, لقد أصبحت من اشهر علماء الفيزياء الميكانيكية والفلكية كما كان حلم طفولتها واكتشفت الكثير والكثير.. لم تكن يوماً فتاة عادية كل مافيها لايشبه جيلها بشيء كانت قارئة شغوفة ومفكرة وحالمة إضافة إلى أنها احترفت التعلم الذاتي, فمنذ كانت في السادسة عشرة كانت تتقن أربع لغات إضافة إلى لغتها الأم بجهدها الشخصي ولطالما برعت في ما فشل فيه الأخرون، كل ماتحتاجه كان تبني موهبتها وأخيراً تم اكتشاف نبوغها فتح لها باب الابداع .. كانت مثالاً للذكاء في كل شيء باستثناء الذكاء الاجتماعي لقد كانت فاشلة بحق في هذا الأمر لاتحب أن تختلط بالبشر وتستصعب تكوين صداقات خاصة طويلة الأمد ولكن كل هذا أصبح من الماضي فهي عادت لتساعد طلاب مدرستها الصغار وتكتشف مواهبهم, وعندما وقفت أمام بوابة المدرسة وجدت زملاء صفها القدامى اللواتي أصبحن أمهات .. وربما كان هذا أقصى مناهن يوصلن أطفالهن إلى المدرسة التي أصبحت هي متبرعة لها.. وفي أعيونهن نظرة: كم كنت حمقاء عندما أذيتك .!) ولكن لم يعد لكل ذلك أهمية, فكل ماحدث بقي في الماضي وأول خطوة للنجاح هي مسامحة المساكين الذين أخطؤوا بحقك.. مشت بخطوات حازمة ملؤها السعادة لمساعدة المبدعين الصغار على اكتشاف أنفسهم.
حيان كوجان