بينما كنت أستقلُّ سيارتي صباحاً في يوم من أيام أيلول ذاهبة إلى عيادتي وإذ بي أمرُّ بجانب مدرسة ثانوية للطالبات.. هدّأت من سرعتي، ومشيت رويداً.. لأرمق الفتيات وهنّ داخلات إلى باحة المدرسة زُرافاتُ ووحدانا.. تعلو وجوههن ابتسامة ملؤها التفاؤل بالغد المشرق.
وفجأة جاشت في مخيلتي ذكريات الماضي وعدت إلى الوراء عشرين عاماً حيث كنت في عمر هؤلاء الفتيات، وأوّل ماتذكرت كيف كنت أستقبل شهر أيلول، بل كيف كنت أُعدٌّ له العدة من كتب ودفاتر وثياب خاصة للمدرسة وكيف كنت أستيقظ في الصباح الباكر لتناول طعام الإفطار مع إخواتي الصغار ثم يذهب كل منّا إلى مدرسته، وهناك على مقاعد الدراسة تبدأ المنافسات النزيهة بيني وبين الزميلات وكان حلمي الوحيد آنذاك أن أبلغ أعلى مراتب العلم وأحصل على أعلى الدرجات لأدخل كلية الطب واضعة نصب عيني قول الشاعر:
وما نيلُ المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وها أنا ذا حققت حلمي وأعيش الآن في المستقبل الذي رسمته بتوفيق الله وبجهودي، وتابعت مسيري وأنا أدعو لهؤلاء الفتيات بالنجاح وتحقيق الأمنيات!
روان المحمد