المكتبة المدرسية غرفة مهجورة ..المطالعة من الماضي

 أذكر تلك الأيام التي قضيتها مع زملائي في المدرسة الثانوية حين كنا ندخل مكتبة المدرسة ليأخذ كل منا كتاباً ويقرأه ثم يحكي للبقية موضوع القصة أو الكتاب الذي قرأه، كنا نتسابق إلى المكتبة كي نتصفح مطبوعا أو مجلة جديدة تخاطب عقولنا وهواياتنا التي نعشقها إضافة إلى الكتب والكراسات الصغيرة الحجم التي فتحت عقولنا لأول مرة. 

اليوم لا أرى من خلال أطفالي ومثيلهم من هذا الجيل هذا الاهتمام بالكتب أو حتى ذكر لمكتبة المدرسة ، وقد لاحظت ذلك أثناء زيارتي لمدرسة أبنائي، الأمر الذي دفعني إلى سؤال أحد المعلمين عنها وعن غياب تلك الرفوف التي تسطر عليها أنواع الكتب العلمية والتاريخية والأدبية إضافة إلى القواميس، وكذلك الأطالس التي يتجول معلم المادة بقلمه ما بين مدن العالم وبحارها على الخرائط.

غرفة مهجورة
عندما سألت ابني عن وجود مكتبة في مدرسته وهو طالب في الثاني ثانوي قال «كأنني رأيت لافتة على أحد الغرف الصفية كتبت عليها لافتة (المكتبة المدرسية) لم أدخلها على الإطلاق منذ بداية الموسم الدراسي وهذا حال زملائي ولا أعرف ما تحويه ربما يوجد فيها كتب لا أعرف, لذلك طالبنا مدرسة مادة اللغة العربية أثناء حديثها عن أهمية المطالعة الخارجية والقراءة التي تفتح لنا آفاقاً واسعة من الاطلاع والمعرفة، بأهمية أن تكون لدينا مكتبة في المدرسة .
ولم تختلف إجابة صديقه حيث قال «أنا في هذه المدرسة منذ الأول ابتدائي ولم أتذكر على الاطلاق أني دخلت إلى تلك الغرفة التي تسمى مكتبة المدرسة كما أننا لم نطالب الادارة أو حتى مرشدتنا بأن ندخل إلى تلك الغرفة لأننا نجهل ما فيها وما هو دورها بالتحديد، فنحن فقط نكتفي بقراءة منهجنا الدراسي فقط ولا نزيد عليه أو ننقص، وحتى مادة المطالعة والتعبير فلا نقوم نحن بالتعبير عما تريده معلمة المادة إلا بعد أن نستعين بوالدينا في البيت للكتابة لنا وقتها نحفظ ما يكتبون عن ظهر قلب نتيجة لصعوبة هذه المادة وصعوبة أن نكتب أي موضوع انشائي بسبب عدم وجود مكتبة في المدرسة نستقي منها مصادرنا.
توسع على حساب المكتبة
مدرّس اللغة العربية عادل منذر قال: «لا يمكن انكار أهمية المكتبة المدرسية وخاصة لتلاميذ الابتدائية كما أننا نستذكر دورها الفاعل منذ مراحل دراستنا المتوسطة والإعدادية بل وحتى الجامعية،إذ كان أساتذتنا يجبرون الطالب على البحث والاستقصاء عن المصادر بلهفة في تلك المكتبة لإقامة الأبحاث والنشرات المدرسية ليكرّم الطالب عليها بدرجات عالية, ولكن في الوقت الحالي وبسبب كثافة المناهج وهذا بحد ذاته يشجع المعلم على استغلال الوقت داخل الصف بدلاً من الانتقال الى المكتبة، إضافة إلى أن هذا الحال شجع إدارات مدارس كثيرة على أن تستفيد من جميع غرف المدرسة لتحولها إلى صفوف دراسية رغم أهمية وجود المكتبة والمختبر وغرفة للرياضة، وها نحن نشهد كثيراً من اللجان التربوية التي تقوم بزياراتها لنا من أجل مطالبة الإدارة باستيعاب أكبر عدد من الطلبة على حساب كل من المكتبة والمختبر وقاعة الحاسوب وخصوصاً في الريف حيث بالكاد تتسع الصفوف لطلابها.
مهمة
المعلمة منيرة قالت: «في الكثير من دول العالم تكاد أهمية المكتبة المدرسية تكون بأهمية الصف الدراسي فهي تقع دائما في الطابق الأول حتى تكون أمام أنظار الجميع لزيارتها يومياً، كما أن هذه المكتبات يجب أن تتطور بتطور التكنولوحيا وألا تحتوي على الرفوف المليئة بالكتب والمراجع فقط بل نجد أعداداً كبيرة من الأفلام والأشرطة الصوتية وأدوات العرض وأجهزة الحاسوب والوسائل الإيضاحية الاخرى التي قد يحتاجها المعلم وأنا لا أنكر أننا كإدارات ومدرسين وحتى مديريات التربية لم نولِ هذا الموضوع الأهمية الكافية.
مديرة أحد المدارس لم تكتم سرّاً عندما أوضحت أنها أصيبت بالحرج الكبير عند مطالبة مجموعة من الطلاب تخصيص إحدى الغرف في المدرسة كي تكون مكتبة واستعدادهم الكامل بأن يقوموا بجمع مبلغ من المال لتجهيزها بمجموعة من الكتب, كما قالت: «لا شك أن المكتبة المدرسية تخدم الطالب والتدريس بشكل كبير إذا ما تم الربط ما بين المنهاج الدراسي والمكتبة بالنسبة للطالب، وتخدم المعلم أيضاً لأن المعلم لايمكنه الاكتفاء بما تعلمه بل يجب أن يطوّر من تطلعاته وقراءاته كي يخدم العملية التعليمية خاصة أن الطالب يعتبر معلمه المصدر الأكبر للمعلومات, ولا شك أن تغيير المنهاج المدرسي وخاصة مادة اللغة العربية والتي أصبحت أصعب بكثير مما سبقه أصبح يتطلب الاهتمام بهذا الموضوع من قبل الجميع سواء كانوا تدريسيين أو إدارة أو وزارة.
رأي توجيهي
لدى سؤالنا المجمع التربوي حول الموضوع كانت الإجابة أنه و حسب توجيهات وزارة التربية يجب أن تكون لكل مدرسة سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو إعدادية مكتبة مدرسية خاصة بها وأن تكون حصة المطالعة في مادة اللغة العربية حصرياً داخل المكتبة وهذا من باب الاهتمام بالمكتبة وتفعيل دورها في المدرسة, حيث تقوم الوزارة برفد هذه المكتبة بعدد كبير من الكتب والمعاجم والمصادر من خلال قيام الوزارة بشراء هذه الكتب من المعارض السنوية التي تشترك بها الوزارة وتوزعها بين المدارس .
هو حال جيل بأكمله ولا يتوقف الأمر على مدرسة او مجموعة من الطلاب وهذه الظاهرة لا تتوقف لدى الطلبة بل تتعدى هذا السن لتشمل طلاب الجامعات أيضا فالملاحظ قلة الاهتمام بالمطالعة بشكل كبير وهذا ما يجب أن يكون محط اهتمام لإعادة المطالعة لعصرها الذهبي.
ازدهار صقور

 

المزيد...
آخر الأخبار