جلس حرف التاء المربوطة (ة) على حافة الرصيف, وهو يبكي بكاءً مراً! كان يبدو وكأنه أضاع الطريق, أو فقد شيئاً عزيزاً عليه, أو وقع في مشكلة لايجد لها حلاً!!.
ومر به أحد المارة, فتوقف طويلاً, وهو يحدق إليه.. ثم صاح فجأة:
ـ ألست أنت حرف التاء المربوطة؟!
ونظر حرف التاء إليه, والدموع تملأ عينيه.. قال:
ـ بلى .. ولكن، من أنت ؟!
ـ انظر إلي جيداً.. إنك تعرفني ولاشك
ـ حقاً, فأنا رأيتك من قبل.. إنك تشبهني كثيراً, فأنت دائرة مثلي ولكن حجمك أصغر, إنك علامة (السكون) على ما أظن.. أليس كذلك؟..
ـ بلى, بلى .. أنا علامة السكون.
هنا قام حرف التاء, ومد يده مصافحاً وهو يقول:
ـ مرحباً بك.. إنك جارٌ عزيزٌ, فنحن كثيراً مانلتقي في كلمة واحدةٍ!..
ـ ولكن .. لم تبكي ياصديقي؟ هل أساء أحدٌ إليك ؟!
ـ لا ياجاري الحبيب.
ـ إذن .. ما القصة؟! أخبرني علني أستطيع مساعدتك.
كفكف حرف التاء دموعه، وقال بلهجة مؤثرة:
ـ لا أخفي عليك ياصديقي.. مشكلتي صعبة، فالتلميذ سامر يريد كتابة موضوع إنشاء يحوي أرقاماً عديدة، وقد استدعوني لآخذ مكاني حين كتابة هذه الأرقام. ولكنني عندما وصلت إلى هنا, حاولت أن أتذكر المواضع التي علي أن أقف فيها, فلم أتذكر .. أوه، ذاكرتي تخونني كثيراً هذه الأيام!!.
ضحك (السكون) قائلاً:
ـ سبحان الله، لقد استدعوني للأمر نفسه! وبالتحديد لآخذ مكاني عند كتابة رقم (10)، فأنت تعرف أن هذا الرقم يحتاج إلي عندما يكون المعدود مؤنثاً, وقد سمعت بأن هناك عبارة (عشر تفاحات) سترد في موضوع سامر وأنا ذاهب الآن لأستقر فوق حرف الشين.
قال حرف التاء متحسراً:
ـ هنيئاً لك, فأنت تعرف مكانك, أما أنا وقاطعه السكون: لاتخف ياصديقي, كل مشكلة ولها حل علينا ألا نيأس, علينا أن نبحث دائماً عن مخرج .. الدموع وحدها لاتكفي.
ـ صحيح، ولكن ماحل مشكلتي؟!
ـ الأمر بسيط .. صحيح أن لأصدقائنا الأرقام أسلوباً معقداً, لكنهم أذكياء, ويتمتغون بذاكرة طيبة .. اسألهم, وأنا على يقين بأنهم لايردون سائلاً..
ـ حسناً .. حسناً.. هذا معقول.
وعندما وصل حرف التاء المربوطة إلى المكان المتفق عليه, وجد كلمات وعبارات كثيرة , تحوي أرقاماً وأعداداً متنوعة.. وجد مثلاً : خمس تفاحات, عشرة عصافير, أحد عشر كوكباً , اثنتي عشرة عيناً, تسع عشرة برتقالة, سبع سنابل, ستة عشر قلماً، ليالي عشراً, زهرة واحدةً.. وأعداداً ومعدوداتٍ أخرى!.
واقترب حرف التاء من(5) تفاحات قائلاً:
ـ أأنت بحاجة إلي؟.
ـ لاياصديقي.. فأنا أكتب هكذا ( خمس تفاحات )، ولا أحتاج إلى تاءٍ مربوطةٍ.
فاتجه إلى (7) سنابل.. يسأل أيضاً:
ـ وأنت .. ألست بحاجة إلي؟.
لا أبداً .. اسمي سبع سنابل: وعددي يخالف المعدود.
ـ ولكن خمس تفاحات كتب بالطريقة نفسها،
فعدده يخالف المعدود أيضاً!!.
ـ طبعاً ، فنحن الأعداد من (3) إلى (9) نخالف المعدود دائماً.
ازدادت حيرة حرف التاء المربوطة, كاد أن يشعر باليأس ثانية, لكنه تلفت هنا وهناك, فوجد (4) كتب قريباً منه, فأسرع نحوه وهو يقول:
ـ وأنت.. أظن أنك بحاجة إلي!؟
ـ منْ؟ التاء المربوطة!! يا أهلاً يا أهلاً, إنني أبحث عنك منذ زمن طويل.. لماذا تأخرت؟!!
ـ الحقيقة.. نسيت مكاني, وكنت أبحث عنه.
لقد وجدته الآن.. هلم إلي، فقد كاد الوقت يفوتنا.. قف إلى جانبي, أوه تماماً.. الآن أصبحت أكتب بشكل صحيح.
أربعة كتب!!.