إن هموم الطلبة ومشكلاتهم من الأمور التي يجب ألا يغفل عنها أي باحث في موضوع الحياة الجامعية. إذ إن الطلبة هم اللبنة الأولى لبناء الجامعات، ولولا طلبة العلم لما كانت هناك جامعات. وقبل البدء في تناول هموم ومشكلات الطلبة الجامعيين ينبغي التنويه بأن المرحلة التي يمر بها الطلبة في الفترة من المدرسة إلى الجامعة يمكن أن تكون من أصعب المراحل الانتقالية في حياتهم. فهم ينهون دراستهم الثانوية ويلتحقون بالجامعة وهم مازالوا في سن المراهقة . حاولنا أن نتلمس بعض المشكلات التي تعترضهم إيماناً منا بأن معرفة المشكلة نصف الحل، وبما أن الطلبة هم المادة الخام لصناعة مستقبل الأمة فيجب ألا تهمل هذه المادة، بل أن تعطى اهتماماً كبيراً .
إن طلبة الجامعة يعانون من مشكلات جمة ومختلفة وربما يكون بعضها نتيجة مشكلات صغيرة ولكن نظراً إلى صغر سنهم وقلة خبرتهم في الحياة يرونها مشكلات عويصة قد لا يستطيعون التعامل معها وإيجاد حلول لها، وربما تكون مشكلات كبيرة ولكن لا تعار أي اهتمام فتترك وتتضخم وتكون النتيجة مؤلمة. وهذه المشكلات تتوزع بين مشكلات دراسية وأخرى أسرية وثالثة اجتماعية ورابعة اقتصادية ومشكلات صحية بدنية منها ونفسية.
ولعل من أبرز مشكلاتهم الدراسية ما يأتي:
– يجبر بعض الطلبة نتيجة للضغوط التي تطرق فوق رؤوسهم على دراسة التخصص الذي تفرضه عليهم الجامعة أو الجهة الممولة أو التخصص الذي يرغب الأهل فيه لأنهم يرونه التخصص المناسب مستقبلا لرفع اسم أبنائهم واسم العائلة، لا الذي يناسب ميول هؤلاء الأبناء ومستوياتهم.
– التباين الكبير بين المناهج وطرق التدريس في المدرسة والجامعة، ففي المدرسة يقوم الطلبة في غالبية الأوقات بحفظ كمية محدودة من المعلومات التي يصبونها على ورقة الامتحان في يوم الامتحان وهم على ثقة تامة بالدرجة التي سيحصلون عليها. بينما يختلف الوضع أحياناً في الجامعة. ففي الجامعة، يفترض ألا يعتمد المقرر الدراسي على كتاب واحد فقط ولا على ما يقوله الأستاذ فقط بل عليهم أن يبحثوا باستخدام كل الوسائل للوصول الى معلومات جديدة وعلى الطلبة أن يدربوا أنفسهم على الطريقة الصحيحة للبحث.
يتردد على أفواه بعض الطلبة بعض الهموم الدراسية التي تسبب لهم ضغوطا نفسية ومنها عدم توافر مختبرات علمية مجهزة بالأجهزة الحديثة في بعض الجامعات، وإن وجدت هذه المختبرات فهي تحتوي على أجهزة قديمة وضعت في مكانها – وفقا لما تقول بعض الطالبات – قبل أن نأتي إلى الحياة. والأسوأ من ذلك هو غياب الأمن والسلامة في هذه المختبرات على الرغم أن الدراسة في المختبر تتطلب أحياناً العمل في الميكروبات. وتصف بعض الطالبات المختبرات بأنها مأساة، وتقول: «لطالما حدثت حوادث في المختبرات كدخول إبرة في اليد أو وقوع الحامض على اليد نتيجة عدم وجود قفازات وقائية».
أما عن مختبرات الحاسوب، فبعضها – وفقاً لما يروي الطلبة – لا يحتوي على طابعات والأجهزة التي يحويها قديمة خالية من البرامج المطلوبة في المقرر الذي يدرسونه، والأدهى من ذلك يمكن أن تتعطل هذه الأجهزة في أية لحظة وأنت تمتحن من خلالها.
– ومن أولى المشكلات الدراسية التي يعاني منها طلبة الجامعات وخصوصا الجامعات التي تطبق نظام اختيار المقررات الدراسية من قبل الطلبة (ما يطلق عليه بالنظام الأمريكي) عدم توافر المقررات التي يرغبون في تسجيلها أحيانا في بعض الفصول، الأمر الذي يحتم عليهم التأجيل إلى أن يعرض القسم المعني المقرر الدراسي المطلوب. وربما يكون هذا أحد أسباب تأخر تخرجهم في الجامعة.
أما بالنسبة إلى مشكلات الطلبة الاجتماعية فكثير منها – وفقاً لما يقول بعضهم – نتيجة لاختلاط الجنسين (بنين وبنات) تحت سقف دراسي واحد. بعض هذه المشكلات يأتي بسبب العلاقات العاطفية التي تنشأ بينهم والتي تكون نهايتها في بعض الحالات غير مرضية للطرفين فتترك آثاراً سلبية على نفسيتهم. ويقولون إن بعض الطلاب والطالبات يعيشون تأزماً نفسياً كبيراً بسبب العلاقات العاطفية. ويعزز بعض الطلبة عدم مشاركتهم في المناقشات التي تدور في الفصل الدراسي إلى غياب الجرأة بسبب وجود الجنس الآخر في الفصل.
إلا أن هناك رأياً آخر في أوساط الطلبة لا يرى في الاختلاط أي إشكال ويعلل بأن الدراسة جهاد وأن التصادم ما بين الجنسين ما هو إلا جزء من ذلك الجهاد. وطالما الحديث يدور حول مشكلات الطلبة، ينبغي ألا نغفل همومهم الأسرية. فبعض الطلبة لا يجدون من يفهمهم في الأسرة، وليس هناك متنفّس لهمومهم الجامعية في البيت. تحكي بعض الطالبات: «إذا بقينا في مكتبة الجامعة لندرس معا حتى الساعة الثامنة مساء نقابل بصراخ حين نصل إلى البيت». إصرار بعض الأسر على تزويج بناتها حين يصلن إلى سن الثانية والعشرين هو هم آخر لبعض الطالبات، وإذا رفضت الطالبة ذلك تعيش في عراك مع أهلها، وإذا تزوجت وخلّفت وقعت عليها في كثير من الأحيان ضغوط من نوع آخر، ألا وهي إعطاء الدراسة حقها والحياة الزوجية حقها والأطفال حقهم. أما بالنسبة إلى المشكلات الاقتصادية فهي لاتقل شأناً عن المشكلات الأخرى. فكثير من الطلبة إلى جانب دراستهم يعملون في مؤسسة ما بنظام كلي ليكسبوا مالاً يصرفون منه على أسرهم وعلى أنفسهم. وهناك من لا يستطيع أن يتناول حتى وجبة في مطعم الجامعة. أما بالنسبة إلى الرسوم الجامعية وشراء الكتب فهي مكلفة لبعض الطلبة وأحياناً لا تتوافر أعداد كافية من الكتب المطلوبة.
ويشكل تصوير بعض الكتب والملزمات عبئاً مالياً على الكثيرين منهم. أمام هذا الكم من المشكلات يتلقى الطلاب وعوداً بدراستها، وإيجاد حلول ناجعة لها، إلا أن هذه الوعود، على حد قولهم، لا يتحقق منها شيء، فتهمل آراؤهم وتذهب مقترحاتهم سدى، وهكذا تتراكم مشكلاتهم وتتفاقم أوضاعهم. وإذا توقفنا عند المشكلات الصحية التي يعاني منها الطلبة، فهناك أمراض بدنية وأخرى نفسية والغالبية العظمى منها وليدة ضغوط نفسية. فألم المعدة والإمساك وأوجاع الرأس والظهر وعسر الهضم وفقدان الشهية كلها تتمخض عن المشكلات التي ذكرت سالفاً والتي كانت سبباً في الاضطرابات النفسية للطلبة .
رند غنوم