استطلاع : الصداقة والشباب.. وديمومتها بين أفراد المجتمع

الإنسان هو الوحيد بين المخلوقات الذي يولد عاجزاً وقاصراً ولايستطيع أن يحيا إلا إذا اعتنت به أسرته وحافظت على بقائه وربته وعلمته.. والحق أن الإنسان بخلاف الحيوان يولد بقدر محدود جداً من السلوك الثابت وبقدرة كبيرة جداً على التعلم والاختبار, ومن هنا كانت علاقته الاجتماعية طوعية، واختيارية وليست إجبارية في اختيار أصدقائه, وقدرة الإنسان الكبيرة على العلم والاختيار هي سر تفوقه على سائر المخلوقات وعماد تحكمه في محيطه.
ومن أجل استقرار واستمرار حياة الفرد النفسية والاجتماعية لابد
له من الصداقة وبصورة خاصة في مرحلة الشباب الأولى.
أهمية الصداقة بين أفراد المجتمع
الصداقة تعتبر أساس الربط بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى, فالصداقة أحد الحاجات الضرورية للحياة لأنه لايقدر أن يعيش الفرد بلا أصدقائه مهما تميز من خبرات, فالأصدقاء هم الملاذ الذي تلجأ إليه وقت الشدة والضيق, والصداقة ضرورية للشباب لأنها تمولهم بالخبرة والنصائح, وتعينهم على تعزيز الثقة بالنفس واحترام الآخرين وملء أوقات فراغهم وتنمي شخصيتهم لاسيما صداقة الأطفال.. وهي مهمة للشيخ حين يتقدم في العمر.
ومن هنا فالسؤال الهام الذي يطرح نفسه, ماهي شروط الصداقة وما أهميتها بين أفراد المجتمع؟ حول أهمية الصداقة ودورها في تجانس الحياة الاجتماعية كان لنا الاستطلاع التالي من خلال حوار مع عدد من الشباب ومن كافة الأعمار والفئات الاجتماعية.
شروط الصداقة
نادر علي قال: الصداقة لا تأتي بشكل تلقائي وعفوي وبدون مقدمات ومؤهلات فلابد من خصائص تبنى عليها منها الفهم العميق المتبادل والاستعداد للإفصاح عن الآراء والخبرات والمشاعر والأسرار الشخصية والتفاعل يؤدي إلى المشاركة الوجدانية وتقديم العون والمساندة .
فيصل حيدر قال: الصداقة التي تقوم بين شابين متقاربين في العمر والثقافة تتسم بقدر كبير من الاستقرار والتفاعل الاجتماعي بالمقارنة بصداقات الشباب المتفاوتين في العمر والثقافة.
وهنا نؤكد على أهمية الصداقة القائمة على التقارب الفكري والاجتماعي والعمري.
ـ منذر عيسى قال: من أهم شروط إقامة الصداقة: التوافق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتجاذب بين الأشخاص معرفياً ووجدانياً والتعبير بمشاعر الحب, بالإضافة إلى التقارب المكاني وتوفر فرص الاتصال والتفاعل بين الأشخاص (جيران ـ عمل)
ـ عبير حمدان ترى في الصداقة أنها ركن من أركان المجتمع والتي يجب أن تبنى على الصدق والإخلاص والمحبة والالتزام .
ـ وترى هديل خضور في الصداقة أنها كنز من كنوز العادات الاجتماعية الجيدة, فالصداقة لاتأتي بسهولة وإنما تحتاج إلى جهد كبير وإلى أخذ وعطاء, فالصداقة القائمة على الثقة والبعيدة عن المصلحة تكون مدتها أطول وصداقة المنفعة تكون مدتها أقصر وهنا يكمن سر ديمومة الصداقة.
ـ إياد يونس يرى أن الصداقة هي مدخل لصفاء العلاقات الاجتماعية ولكن هناك بعض العادات التي علينا أن نتجنبها مثل استغلال الصداقة لمنافع شخصية والابتعاد عن الجماعات ذات المستويات الخلقية غير السوية.
صفاء العلاقات الاجتماعية
من ملخص تلك الآراء نستطيع القول إن إقبال الشباب على هذا النوع من الصداقات لايرتبط بالفضول والبحث عن التشويق في التعامل.. بل يرتبط بالإيجابيات والسلبيات من وجهة الناس ولكن من وجهة نظر علم النفس والتربية فإن للصداقة أهمية كبيرة وديمومتها ضرورة اجتماعية.
الدكتور نعيم الناصر.. اختصاصي في علم النفس والتربية قال :
إن الصداقة هي المدخل السليم لصفاء العلاقات الاجتماعية حيث إن الاعتدال أساس السعادة وجوهر التوافق النفسي ونفع الصداقة موقوف أيضاً على رقابة المجتمع والأسرة بحساسية مرهفة لايشعر الابن أو الابنة بفقدانه لحريته واهتزاز الثقة فيه ولانتركه في الوقت نفسه فريسة لأصدقاء السوء, ولا ضرر في أن نحذر من النفعية والأنانية والمصلحة في العلاقات العامة والشخصية بل يقتضي الواجب إلى الإشارة لنبذ هذه العلاقات المزينة بكافة أنواعها الأنانية والمصلحية والنفعية…
فالصداقة الصادقة هي المدخل الأساسي لصفاء العلاقات الاجتماعية, وديمومتها يرتهن بالطوعية والتلقائية ورضا الطرفين وما يعزز هذه الديمومة هو التوافق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
توفيق زعزوع

المزيد...
آخر الأخبار