عجبتُ لمن لايريد من المال أن يشبع، لأنه لايقنع، ولايحبّ أن يقشع أنّ غيره يعيش في فقر مدقع، وثياب ذلك الفقير امتلأت بالرقع بسبب تاجر أراد من الحياة الكثير من المتع.. أقول له باختصار: الطمع ضرّ مانفع. لماذا لايفكر التاجر إلا بالمرابح، ويقضي معظم أوقاته بالمسابح، والفرق بينه وبين الفقير أنه هو الرابح، وإذا مرّ من أمام سيارته الفارهة لايكلّف نفسه باستخدام المكابح. ياصديقنا الدنيا تتبدل من حال إلى حال، ودوام الحال من المحال، ارأف بوضع المعتّر المسكين ياخال،فبعض الفقراء يغوصون في الأوحال وأنت وضعك فوق الريح وعال العال.
ومن المفارقات العجيبة أن التاجر يريد كل شيء له، بحجة أن التجارة شطارة، فهو لايقبل المساومة والخسارة وأغنيته المفضلة «ع الهوّارة».
يسكن ذلك الفقير في بيت من طين وحجارة، وذاك يسكن لوحده في قصر وعمارة، ومن التبغ دخانه اللفّ، والثاني من التبغ دخانه السيجارة، تاجر من المأكولات طعامه اللحم والآخر الفقير عمله المخضرم بالفحم، أقول للتاجر: ارحم ذلك الفقير فعينه دائماً مدرارة، من حالته المذهلة المحتارة، ولاتنسى أنّ الدنيا دوّارة ومثلك مثله ستسكنان بعد الموت تحت الأرض في المغارة.
مجيب بصو