المخباط .. و الغسيل على ضفة النهر

وللنهر قديماً حكاياته مع نساء القرية وفتياتها حينما كن يقمن بعملية غسيل الملابس لذويهم على ضفاف الأنهار والسواقي القريبة من القرى .
حيث كانت نساء القرية تجتمعن لغسيل الملابس على ضفاف النهر وتبدأ القصص والحكايا والضحك وتبادل الأحاديث ويسردن قصصهن مع أولادهن ، وهن يقمن بعملية غسيل الملابس في مياه النهر. وكانت المرأة في تلك الأيام تحمل (الأواعي) الملابس التي تود غسلها في صرة أو بقجة وتضع صرة الملابس هذه داخل (التشط) وعاء الغسيل وتحمله على رأسها بعد أن تأخذ معها (المخباط) وهو عبارة عن قطعة مسطحة من الخشب لاتزيد سماكتها عن 5سم 15 * 25سم ولها مقبض في أحد طرفيها وتأخذ معها كمية من مسحوق الغسيل أو الصابون أو نوع من الأعشاب البرية المسحوقة الناعمة والغنية بالقلويات للغسيل وتذهب برفقة صديقاتها أو جاراتها إلى ضفاف الأنهار وعند الوصول إلى مكان الغسيل كانت كل واحدة تأخذ مكاناً لها على ضفة النهر أو ضفة الساقية الجارية بمياه صافية وتجلس القرفصاء بعد أن تنتقي لها بلاطة حجرية مسطحة ملساء لتغسل عليها ، فتضع الملابس على البلاطة وتسكب عليها الماء وتضع قليلاً من الصابون ومن ثم تبدأ بضربها بالمخباط وتتوقف قليلاً لتقلبها يمنة ويسرة وترشق عليها من الساقية بكلتا يديها بعض الماء ثم تعاود الضرب بقوة بالمخباط ذلك الثوب فوق البلاطة ومن ثم تنفحه بالماء الجاري وتعاد الكرة لعدة مرات .
وهكذا .. كانت كلما ضربت ضربة مخباط فإن الأوساخ تتحلل مع انسياب الماء وكانت تعيد الكرة، وبعد ذلك تمسك بقطعة الثياب التي غسلتها لتنظفها وسط النهر بالماء النظيف ليذهب كل أثر للمسحوق أو الصابون. وبعد ذلك يقمن بنشر الغسيل على الصخور القريبة أو الشجيرات والأجمات القريبة منهن.
وتلك الجلسات كانت طقساً جميلاً لايخلو من المرح والغناء والعتابا وكان الكثير من الصبايا يرون في هذه الطبيعة الجميلة متنفسا لهن وفسحة لتمضية الوقت والتسلية و لتصدح كل واحدة منهن بمواويل من الميجانا والعتابا , ومع انتهاء النهار وبداية غروب الشمس تبدأ الفتيات بجمع الملابس التي تخصها وقد اصبحت نظيفة لتضعها في (التشط) لتعود للقرية مع غروب الشمس .
غابت اليوم كل تلك الصور عن المشهد وصارت ذكرى تعيش في الذاكرة ولم يعد للمخباط وحكاياه أي أثر، واختفت تلك الجلسات على ضفتي النهر ولم يبق منها إلا صوراً في ذاكرة من عايشها ممزوجة بكثير من الحنين لتلك الأيام وعبارة سقى الله على تلك الأيام.
ازدهار صقور

 

المزيد...
آخر الأخبار