لاشك أن الحرب الدائرة في بلدنا الحبيب قد أثرت في كل شيء ومنه جودة التعليم ومدى التحصيل الدراسي وكذلك التحاق الطلاب بالتعليم الإلزامي وعدم تسربهم منه أو تأخرهم دراسياً كمستوى أو بقائهم عدة سنوات في ذات الصف.
ومن المؤكد أن الظروف الحالية للأسر من تهجير ونزوح وفقر تؤدي إلى تراجع الاهتمام بإلحاق الأبناء بالمدارس لفترة قد تطول أو تقصر، وفي هذه المادة الصحفية أكثر من تأكيد على أن السبب الرئيسي أو الأكثر شيوعاً لتسرب التلاميذ من المدارس هو العامل الاقتصادي.
بلا أرقام
يؤكد رئيس شعبة التعليم الإلزامي عبد الحليم العمر أن التسرب عند الإناث أعلى منه عند الذكور وخاصة في الحلقة الثانية كما يؤكد أنه تم العام الماضي إعادة مئات التلاميذ المتسربين إلى المدارس عبر اتخاذ التدابير والإجراءات المتعارف عليها قانونياً مفضلاً عدم إعطاء أية أرقام أو نسب فهذا يحتاج إلى طلب لمدير التربية لأخذ موافقته!!
وذكر العمر عدداً من الإجراءات التي تم اتخاذها مثل إقامة دورات للمتسربين خارج أوقات الدوام المدرسي ـ استيعاب المتسربين وفق المنهاج (ب) ـ إقامة دورات تقوية للتلاميذ المتأخرين دراسياً.. الخ.
أسباب التسرب
وبرأيه فإن هناك عدة أسباب لتسرب التلاميذ من المدارس منها:
ـ أسباب اقتصادية كانخفاض المستوى المعيشي وعمالة الأطفال وهذا السبب ينطبق على حوالى 70% من الحالات.
ـ أسباب اجتماعية كالمشكلات الأسرية وانتشار الجهل عند الأسر والزواج المبكر والطلاق.
ـ أسباب سياسية كالحروب والهجرة.
ـ أسباب تربوية كبعد المدرسة عن المنزل وهذا أكثر شيوعاً بالريف، كأن تكون القرية ليس فيها مدرسة أو ليس فيها مدرسة حلقة ثانية أو أنها تعرضت للهدم ولم ترمم.
أسباب تتعلق بالتلميذ نفسه كالإعاقة أو أمراض أو عدم التكيف مع المدرسة أو المنهاج أو عدم الشعور بالمسؤولية أو ضعف التحصيل الدراسي.
ما العمل ؟
وللتعامل مع ظاهرة التسرب حسب العمر فيمكن اتخاذ إجراءات مثل:
ـ تحسين الوضع الاقتصادي للأسر ومحاربة عمالة الأطفال.
ـ تحسين البيئة المدرسية.
ـ تقوية الروابط بين المدرسة والبيئة المحيطة وتعزيز الصلة بين المدرسة والأسرة.
ـ نشر الوعي في المجتمع المحلي حول أهمية التعليم.
ـ استخدام المدرسين للأساليب التربوية الحديثة في التعليم.
ـ تفعيل دور المرشد وتعيين مرشد لكل مدرسة.
ـ افتتاح مدارس جديدة حسب السكن.
ـ إحداث مدارس جديدة لذوي الاحتياجات الخاصة أو شعب خاصة ضمن المدارس أو دمجهم حسب نوع الإعاقة.
أنواع التسرب
وبرأي العمر فإن التسرب عدة أنواع ولا يتم ترقين قيد التلميذ المتسرب قبل بلوغه سن الـ 15،وهذه الأنواع هي: تسرب مؤقت يتمثل بالهروب المتكرر من المدرسة ـ تسرب مرحلي إما لفصل دراسي أو عام دراسي أو فترة مؤقتة ـ تسرب دائم.
بلا تسرب
ولدى لقائنا الموجه التربوي محمد حيان الحزواني رئيس لجنة المنطقة الأولى بحماة وهي تشمل كل المدارس الواقعة من ساحة العاصي حتى كازو غرباً في مدينة حماة قال: كون هذه الأحياء لاتعاني مشكلات تؤدي إلى التسرب المدرسي فهو غير موجود إلا بنسبة بسيطة في هذه المدارس والوضع طبيعي ولكن يوجد حالات لتلاميذ وفدوا سابقاً من مناطق غير آمنة واضطروا للعودة إلى مناطقهم من دون إعلام مدارسهم.
وأرجع الحزواني أسباب التسرب إلى:
ـ الاقتصادي: فقد يلجأ الأهل لإلحاق التلميذ بالعمل من أجل المعيشة.
ـ الحرب والأزمة والنزوح ووجود التلاميذ سابقاً بمناطق غير آمنة.
اليونيسكو تعرف القصة
أما رئيس المنطقة الثانية باسم وقاف فهو يؤكد أن التسرب زاد خلال الأزمة ويشير إلى أنه كان ممثلاً لسورية في اليونيسكو وقدم تقريراً عن التعليم بحماة جاء فيه: إن عدد التلاميذ كان العام الماضي يتناقص كلما تقدمنا صفاً وهذا حسب الشعب الصفية فقد كانت كما يلي:
ـ الصف الأول 1372 شعبة صفية.
ـ الصف الثاني تناقصت إلى 1241 شعبة صفية.
ـ الصف الثالث تناقصت إلى 1184 شعبة صفية.
ـ الصف الرابع يصل التناقص إلى 1147 شعبة صفية.
ـ الصف الخامس يزداد العدد قليلاً إلى 1154 شعبة صفية.
ـ وفي الصف السادس يصل عدد الشعب إلى 1102 شعبة صفية.
ويتضح التراجع في الصفوف التالية حيث يصل عدد الشعب على التوالي من السابع إلى التاسع /937 ـ 796 ـ 512/ وحسب وقاف والتقرير المقدم لليونيسكو فإن عدد التلاميذ الذين التحقوا بالتعليم بالصف الأول في عام 2007 بلغ 50906 تلاميذ وصل منهم إلى الثالث الثانوي عام 2019 /40067/ طالباً وهذا الفرق بسبب العمل ـ صعوبات التعليم ـ النزوح ـ الوضع المعيشي مشيراً إلى أن معدل التلاميذ الذين يصلون للصف الخامس لايتجاوز 70% من العدد الإجمالي للتلاميذ فيما تصل نسبة التسرب المدرسي إلى 13%.
وقال وقاف للفداء: إن التسرب يكثر في البيئات الفقيرة وقد كانت صعوبات التعلم تعد العامل الأول للتسرب سابقاً أما حالياً فللأزمة ومفرزاتها الدور الأبرز في ذلك .
معالجة متأخرة
ولدى لقائنا رئيس دائرة تعليم الكبار عيسى الحمود قال: إن الدائرة تُعنى بتعليم الكبار مبادئ القراءة والكتابة للمرحلة العمرية من 15 وحتى 45 سنة وهم يكونون متسربين من المدارس ولا يحق لهم ـ عمرياً ـ الالتحاق أو العودة إلى المدارس حسب قانون التعليم الإلزامي.
وأضاف: التحق حتى الآن ـ أي حتى نهاية الشهر العاشر موعد اللقاء- 1100 دارس من محافظة حماة ومن المهجرين من المحافظات الأخرى وتم فرزهم على مستويين.
ـ من لا يجيد القراءة والكتابة نهائياً وهؤلاء يتبعون لدورة أساس مدتها ستة أشهر وهم بنسبة قليلة وعلى الأغلب يعود سبب عدم تعلمهم إلى التسرب المدرسي المبكر من الصفوف الأولى ولم يلتحقوا بمدارس أخرى بسبب الظروف وأغلبهم بعمر /15 ـ 19/ سنة ودافعهم لاتباع الدورات هو التحرر من الأمية بشكل نهائي فقد صار يخجل من أقرانه كونه لا يعرف القراءة والكتابة.
ـ القسم الثاني يقرأ ويكتب بشكل ضعيف كونه دخل إلى المدارس ولم يتأسس بشكل جيد وهؤلاء يتم اتباعهم لدورات تمكين مدتها 3 أشهر تمكنهم من العودة للقراءة والكتابة وإجراء العمليات الحسابية الأربعة بشكل جيد والدافع لدى هذه الفئة هو التعلم وتثبيت المعلومات والحفاظ عليها.
وحول سبب التسرب برأيه قال: إنه لا يمكننا الحكم ولكن الغالبية بسبب الظروف وانزياح السكان والتهجير والظروف المعيشية الصعبة.
أحمد الحمدو