شاهدنا حالات كثيرة من حولنا نابعة عن شاب أو شابة ، لا تفسير لها إلا مرور الشباب بمرحلة المراهقة ، التي تحمل انفعالات واندفاعات شديدة ، كثيرة الألوان، متعددة المظاهر والأسباب، متشابهة النتيجة حتى لو اختلفت الطرق ، فالمراهقة مرحلة خطيرة بالفعل ، و يقع على عاتق الأهل ، الإحاطة بالمراهق بذكاء محكم ، واتباع خطوات تخفف من الأضرار التي تتراوح بين تكسير الأغراض ، وفقدان الحياة .
أسباب
… (الفشل) الذي ينتاب المراهق ، هو السبب الأساس في زيادة الاحتقان النفسي ، المؤدي للألم العاطفي ، مايدفع المراهق لتفريغ تلك الطاقات في الزمان والطريقة غير المناسبتان ، دافعا بالخطر باتجاه كل من حوله، فيكون أول المتأثرين : هو ومن ثم الأهل ، وتكمن الخطورة ، بأنه لايقدر تلك الأضرار ، فهو يتصرف بحالة غياب التقدير العقلي ، وبذهن مشوش لايحكمه أي شيء .
نقطة هامة
المراهق الذي لايتلقى العناية الكافية والمدروسة عند تلقي الصدمة، هم الأكثر تأثراً بنتائج و مكنونات مرحلة المراهقة الخطرة ، وهو أول المندفعين للأفعال المؤذية ، من محاولة جرح نفسه لجذب الانتباه ، إلى الانخراط مع رفاق السوء الذين يسحبونه لتعاطي المخدرات ، أو وضع رجله على أول طريق الجريمة ، كل ذلك ليثبت لنفسه ولغيره أنه موجود ، وفعال ولايجب إهماله ، والمهم في ذلك أنه بمرور الوقت تصبح التصرفات المدمرة والخطرة ، نمط حياة متعارف عليه ، وخارج سيطرة الدوائر الاجتماعية كافة .
أفكار
حديثنا عن المراهقة كان من خلال ملاحظاتنا العامة ، بالإضافة لحديثنا من المختص التربوي ساهر النوري ، فكان الحديث مركزا عن الطرق الواجبة للتخلص من آثار المرحلة الحرجة في عمر شبابنا ، فقال: يجب أن يتشكل وعي حقيقي لدى الأهل أنهم أمام مواجهة مشكلة خطيرة بالفعل ، لا يمكن الاستهانة بها ، أو تأجيل معالجتها ، و أيضا يجب أن يحس المراهق بالاهتمام المباشر عند حدوث أي خلل ، والإسراع بالحلول المتوافقة مع سن المراهق ، وطبيعة الإشكال ، ولابد من الاستعانة بالمختصين ، للدلالة على الطرق الناجعة والسليمة .
تصرفات
عندما يلمس المراهق جدية الأهل في مشاركته همومه ، تكون بادية الحل صحيحة ، عندها نسأله عن سبب المعاناة الأساسية التي دفعته للفعل المرفوض ، نطلب منه كتابة السبب على ورقة ووضعها في مكان ما ، لأن ذلك يساعده بتخفيف الضغط الكامن في عواطفه ، ويساعد الأهل في إيجاد الحل ، بالإضافة لضرورة انخراطه في نشاطات تبدد الطاقة الزائدة عنده ، كالجري والسباحة ، والرسم والموسيقا الهادئة ، لأننا بالأساس أمام مشكلة جدية .
سلوك
نتابع حديثنا مع ساهر ، و نتفق أن السلوكيات الخطأ عند تكرارها تصبح نمطا أساسيا للحياة ، لذلك بالمقابل يجب على الأهل غرس القيم النبيلة في نفسية أطفالهم بسن
مبكرة ، هنا نضع حجر أساس ومهم، لمعالجة الانفلات العاطفي القادم بالتأكيد في فترة المراهقة ، عندها لايجب تدليل الطفل كثيرة ، ولا يجوز إهماله زيادة عن اللزوم، فيكون التعاون الخفي هو عنوان المرحلة الأولى من حياة الطفل، بين الأهل كطرف واع ما يفعل ، وبين الطفل الذي ندفعه إلا ما يفعل لوقايته و بنائه بشكل سليم .
نقط ضعف
المراهق هو نتيجة وليس سببا ، يعني قلة خبرته في الحياة ، وخاصة التعامل مع الأزمات ، وضعف الثقة بالنفس ، وافتقاده للأدوات المناسبة لكل موقف ، بالإضافة لضعف التنشئة ، كلها عوامل تساهم في انجراف الطفل بعالم المراهقة ، ووصوله للأفعال الخطرة والمدمرة، هنا تبرز أهمية التربية ، التي هي تنشئة شخصية صالحة ، ولايكون ذلك إلا بتعاون الأهل ، والمجتمع ، وأهمه مجتمع المدرسة .
تقدير العواقب
نقطة مهمة نذكرها الآن، وهي وجوب أن يقدر المراهق ما يبنى على تصرفه المنفلت، وستكون البداية بسؤاله عن السبب، والسؤال يجب أن يكون في وقت مناسب ، فلا يمكن سؤاله وهو في قمة غضبه مثلا ، بعدها يجب تفسير الأسباب له ، وشرح خطورة النتائج ، و يجب أن ندله على طرق يتخلص بها من غضبه الداخلي، لكن بمجهود جسدي أقل ، هنا تكون إحدى بداية الحلول، وبداية انطلاق التفكير لديه ، وبالطبع يجب أن يتحمل مسؤولية ما حطمه مثلا ، بأن نطلب منه القيام بعمل متوالي يقابل قيمة الخراب، أو الاقتطاع من مصروفه بالطريقة التي يقدرها الأهل ، و بالتأكيد الهدف من ذلك دفعه ليتحمل المسؤولية ، ولتدبر الأمر في حال تكراره .
المحرر:
التعامل مع المراهق ، عبارة عن لوحة فنية متجانسة ، فيجب ألا تزيد أو تتغطى مساحة لون على آخر، فكما يجب تحذيره ، يجب تشجيعه ، و كما يجب وضع القيود المناسبة، يجب تكسير القيود الكاملة أمامه، المهم ألا نتغافل عن خطورة مرحلة المراهقة، ولا عن ضرورة التعامل معها و بحذر
شريف اليازجي
المزيد...