هل نحن مقصـّرون في القراءة؟

كثيراً ما نتداول في جلساتنا الخاصة, وفي العديد من الصالونات الأدبية والجمعيات الأهلية, أسباب العزوف عن القراءة عند (أمة اقرأ) وقد تعددت الآراء وتنوعت, وذلك تبعاً للشخص الذي يُدلي برأيه, وحسب خلفيته الفكرية والثقافية والاجتماعية, إلخ, وكاتب هذه السطور قد أدار بنفسه عدة جلسات حول هذا الموضوع المهم جداً, وقد كانت الآراء متنوعة, حيث تناول كلٌّ من الحضور الموضوع من جانب مختلف, وقد كانت جميع الآراء, وذلك حسب ما أعتقد, مُصيبة, لكن المشكلة, تكمن, في أن كل واحد من الحضور, أعتقد أن رأيه هو الصحيح والأهم, وأنا بدوري – هنا – أود أن أطرح عليكم بعض هذه الآراء, وأدع لكم الحكم.
ففي إحدى الجلسات حول هذا الموضوع, وبعد تقديم فكرة مُبسطة عن أسباب العزوف عن القراءة من قِبل كاتب هذه السطور, كانت الآراء علي الشكل التالي:
إن (الفيس بوك) هو الذي يُعيق القراءة, إضافة إلى غلاء الكتب.
اعتبر أن تاريخ الوطن العربي خالٍ من القراءة, إضافة إلى الوضع الطبقي والاجتماعي.
السبب هو التكنولوجيا الحديثة, والوضع المعاشي, والبحث عن عمل.
لقد تراجعت القراءة في ظل الأزمة في سورية, وإن التعليم في المدرسة لا يُشجع على القراءة, وأن المجتمع العربي هو مجتمع زراعي رعوي لا يُشجع على القراءة أيضاً.
بسبب الأنترنيت: هل كانت القراءة مُتقدمة سابقاً؟ طبيعة العرب لا تتناسب مع القراءة, وهناك تقصير في المكتبات المدرسية.
هي أسباب فردية, منها الجهل والفقر, مع عدم وجود أسماء وعناوين أي عدم وجود حافز على القراءة.
كانت أمة العرب سابقاً هي أمة القراءة, وخاصة في بغداد ودمشق والقاهرة, وقد تراجعت حالياً بسبب عدم توافر العديد من الكتب الملائمة والجيدة للقراءة, إضافة إلى تقصير المراكز الثقافية.
الوضع ليس سيئاً لهذه الدرجة, وإن الإحصائيات التي تُقدم ليست دقيقة, الوضع الاقتصادي أحد أسباب تراجع القراءة, إضافة إلى الأنترنيت.
عدم وجود تشجيع على القراءة, وعدم قيام – حتى – المعلمين (القدوة) بالقراءة, إضافة إلى الأنترنيت, وتراجع دور المراكز الثقافية, العرب كانوا قرَّاءً في العصر العباسي.
إن البيت القارئ يُشجع على القراءة, وإن عدم توفر المكتبات المنزلية, وصعوبة الحصول على الكتاب, يُعيق القراءة, إضافة إلى تراجع دور المراكز الثقافية, من يريد القراءة ولديه الإرادة, لا تُعيقه كل هذه المعوقات.
السبب اقتصادي, إضافة إلى تراجع دور المراكز الثقافية, وعدم توفر الكتب الجيدة في المكتبات المدرسية, وعدم التشجيع على القراءة فيها, لكن المناهج الحديثة تشجع على القراءة.
هذه بعض من آراء الحضور في تلك الجلسة, أضعها بين أيدي القراء .
وهنا أطرح السؤال التالي: هل أصابت جميعها؟, وهل تناولت كل الأسباب؟, أم إن هناك أسباباً أخرى؟. هذا ما أدعوكم للتفكير به مليّاً, علَّنا نهتدي إلى السبب الأهم, وإن كنت أعتقد أن كل ما ورد من آراء صحيح, وقد تناول جزءاً من المشكلة.
وحتى نؤكد للذين يشككون في أننا أمة قارئة, وحتى من قبل ظهور الإسلام بكثير, أُرفق صورةً عن أقدم كتاب في التاريخ, (إضافة إلى أننا أول من اخترع الكتابة) وهو من صنع العرب الآشوريين, ويعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد, وقد عُثِرَ عليه في القسم السكني الشرقي من قصر مدينة كلحو (نمرود حالياً) في العراق, وقد عثر عليه عالم الآثار ماكس مالوان أثناء التنقيب في ذلك الموقع, وقد كان كتاباً مؤلفاً من 15 صفحة, مزودة بمفاصل ذهبية, وذلك من أجل عملية فتح الصفحات المصنوعة من الخشب والعاج, ولهذه الصفحات حواف مرتفعة لحماية سطحها المصنوع من الشمع, الذي نُقشت عليه كتابات مسمارية. وتشكل صفحات هذا الكتاب وثيقة مكتوبة من بضعة آلاف من السطور, وقد كُتب على الغلاف اسم الملك ((شاروكين الثاني)) الذي حكم ما بين 722 – 705 ق.م وهو أحد ملوك مملكة آشور الحديثة.

نزار مصطفى كحله

المزيد...
آخر الأخبار