بين البحر و بيتي..
يقع بيتك..
المداخل لا تتشابه..أبداً.
مدخلنا يتكئ على رصيف الشارع بفظاظة..
تغويه المسافات.. و المشي بلا هدف..
و لا يتماشى مع فنون الهندسة المعمارية.. و لا مع الزخارف التراثية..
عندما استجلبنا مهندس الديكور التعيس.. اضطرمت نار الحرب..
مات المهندس و عائلته بقذيفة طائشة.. و مات مدخل بيتنا في العراء..
أما مدخل بيتكم الفسيح.. لا نظير له في الفن المعماري..
لا الشرقي و لا الغربي..!
مفتوح على البحر كصحن الخزف الصيني تحت أضواء المعارض الباهظة..
يشبه إلى حد بعيد المتحف /.
أمام البيت نهر بأشجار الدفلى تحتضن وجوه السامرين و الغائبين..
ما من أحد لا يهتدي إليك..
البحر و الدفلى و الشاطئ ما بينهما..
أما أنا…
كانت غرفتي بلا إطلالة..
بلا نافذة.. أو حتى سرير..
اعتدت في مراهقتي.. أن أنام على سطح البيت.. أنتظر شهاباً ليبرق.. أو نيزكاً ليشطر قلبي..
بيتنا نصب تذكاري للطبيعة.. تنحت أسماء الراحلين.. و الحاضرين..
لم نكن نتمتع بمكانة مرموقة لا مناصب .. و لا حسب و لا نسب..
لم يكن جدي إقطاعياً بل كان معدماً.
اعتادتْ جدتي أن تصوم معظم أيام السنة و تطعم الأيتام..
لم يكن لأبي أصدقاء.. و لا لأمي..
استوحشتُ في طفولتي.. و بكيت…!
أنا ابنة الأزمان الغابرة.. لم يشفِ غليلي..
إلا قصيدة محمود درويش..
سجل أنا عربي..
شعرت أني أتقاسم معه البؤس.. و الفقر.. و الأرض.. و المحراث…
تبعثرت حجارة بيتنا في أول الحرب ..
جثمان جدي.. على اليمين..
جثمان أبي على اليسار..
و هنا..
مكان شاسع لي…
بينهما.
مريم الأحمد