قد لا أُزيد في الشعر بيتاً, إذا ما تحدثت عن ضرورة القراءة, وما لها من أهميةٍ قصوى في ارتقاء الشعوب, وفي صنع وخلق الإنسان الفاضل, قبل صنع الحضارة, فالقراءة تُدخلنا إلى عوالم أخرى مختلفة, وتُطلعنا على تجارب وإبداع الآخرين, وتجعلنا نعي واقعنا, وندرك أسس قبول الآخر, لأنه, بالقراءة نطَّلع على تجارب وفكر الآخر, التي قد نتعلم منها, أو نضيف إليها, فهي تُنير الفكر, وكل هذا في سبيل بناء الحضارة الإنسانية.
لكن للقراءة وجهٌ آخر, قد ينطوي على خطورةٍ عالية ، وقد يستغرب بعضهم هذا الطرح, لكنني أعتقد أن في القراءة خطورةً, إذا ما اتصفت ببعض الصفات, التي تُبعدها عن هدفها الأساس, منها على سبيل المثال لا الحصر.
التركيز على نوعٍ واحدٍ من القراءة والكتب, بُغية تثبيت عقيدة ما, أو إيديولوجيا ما, وهنا تكمن الخطورة.
قراءة بعض أنواع الكتب, التي تعمل على تجميد العقل, ومنها: كتب السحر والشعوذة وقراءة الطالع, وكذلك كتب التنجيم والأبراج, إضافة إلى كتب البرمجة اللغوية العصبية التجارية, بعناوينها المختلفة والشِّيقة.
القراءة في الكتب التي تدَّعي الكشف عن أساليب أفضل للحياة, قد تجعل من الإنسان يستسلم لقدره, أو يسلك سلوكاً خاطئاً, خاصة عند شريحة المراهقين.
القراءة في سن مبكرة لأنواع من الكتب, تحتاج إلى مقدرات عقلية وفكرية وخلفية ثقافية غير متوافرة, فتؤدي إلى نتائج غير مرغوب بها.
القراءة المُتسرِّعة, على حِساب الفهم, فتؤدي إلى تشويه قصد الكاتب, الذي يرغبُ به.
القراءة الغزيرة على حساب التركيز, وعدم القدرة على الفصل بينها وبين الواقع, وما تنطوي عليه من مشكلات.
قراءة الاستعراض, (ذكر العناوين فقط) والغاية منها لفت نظر الآخرين.
قراءة الكتب التجارية, التي تعتمد على التشويق المُشوَّه, بغية إشغال الفكر بقضايا تافهة ضارة للعقل والقدرة على التفكير.
القراءة العشوائية غير المُعتمدة على منهجٍ مُحدد, وتوجيهٍ هادف, خاصة عند صغار السن, وبعض مُدَّعي الثقافة.
وتبقى قراءة الكتب ذات الاتجاه الواحد, والرؤية المُحددة الضيقة, التي تختزل العقل, وتحدد التفكير, من أكثر أنواع القراءة خطورة… ويبقى هذا المقال, وهذه الأفكار, مجرد رأيٍ غير مُلزمٍ, وغير شامل, هو فقط لمن يرغب المشاركة معنا في التفكير والرؤية.
نزار مصطفى كحله