يقتطف المفكر محمد راتب الحلاق من كتابه (النص والممانعة) هذه الفقرة حول الأدب والفلسفة:
يقول بعضهم في التمييز بين الأدب والفلسفة: إن الأدب فعالية ذاتية محضة، بينما الفلسفة موضوعية بصورة لا لبس فيها، وإن الأدب فعل اللغة في حين أن الفلسفة فعل العقل، مع أن الدراسات تؤكد أن تجربة الشاعر(مثلاً) وحدس الفيلسوف ينطلقان من بؤرة واحدة، تتمثل في الدهشة أولاً، ثم في محاولة التعبير والتأويل، كل ما في الأمر أن لكل من الفيلسوف والشاعر استراتيجيته الخاصة في التعبير، فالدهشة تؤسس لكل من القول الشعري والقول الفلسفي، وينطلق كل من القولين من المسافة بين الواقع والممكن (وبين الممكن والمستحيل). وفي اللحظة التي تنتفي فيها الدهشة، أي اللحظة التي يتحقق فيها الحلم الإنساني ويسود الحق والخير والجمال، تزول الحاجة للقولين معاً، بل تزول الحاجة للفنون جميعاً، طالما أن مهمة الفنون هي تجميل العالم ومحاولة تخليصه من الباطل والشر والقبح.
ولكن الحاجة إلي الشعر، والفنون عموماً، ستظل قائمة في عالم الكون والفساد، الذي ينوس بين الحلم والواقع، والممكن والمتعين.
بقي أن أقول إن العلاقة الوشيجة بين الأدب، ولاسيما الشعر، والفلسفة تتمثل في الفعالية النقدية، فكل قراءة نقدية تضمر نوعاً من التفلسف، وموقفاً من العالم ذا أبعاد فلسفية ومعرفية وأيديولوجية واضحة.
محمد راتب الحلاق