تعالوا نتعلم.. كيف نغرس وردة

ـ كيف تزرع غرسة.. زهرة .. أو وردة ؟
كيف تتركها تنمو وتتعهدها بالعناية حتى تكبر وتتفتح ولا تحصدها يَدُ العبث لتستوي أمام ناظريك شجرة(؟!!!)
كيف تزحف إليك الكلمات كالسحر.. كالقضاء والقدر؟!
كيف تشق طريقها إليك غير مستأذنة ولاوجلة؟!
كيف تزيح الكرى من طريقها وتدب في العروق .. ينبض بها القلب حتى تصل إلى العقل؟!
كيف تطرد أمامك الزمن المتهدل الكسول ليحل محله الزمن الآتي الجميل؟!
هكذا صارت الكتابة في الأدب العالمي اليوم (!)
***
القصص والروايات وسيناريوهات الأفلام والمسلسلات لم تعد تكتب إلاّ من خلال رومانسية ناعمة وشفيفة!!
تحاورك شخوصها بلغة شاعرية متدفقة مدغدغة..
تحتج بعبارة غزل.. وترفض بكلمة حنان، ثم تقرّر بلمسة خفية وتنطلق بالتماعة عين بسيطة(!!)
***
( قصة حب) لاريك سيغال صارت رواية عالمية!
ترجمت إلى ثماني عشرة لغة..
أخرجت على الشاشة الكبيرة والصغيرة..
طبع منها أكثر من /7/ ملايين نسخة صُدّرت إلى العالم (!!)
ولكن ماذا في هذه القصة ـ الرواية؟!
ـ يرتفع الكاتب بالخيال, خيال الإنسان المجنح إلى مافوق ماديته.
لايقرّ الأرضية التي يمشي عليها, يأكل وينام, بل يحس ويفقد يكبر ويثرى , يخسر ويعشق .. ثم .. يموت!! هكذا هي الحياة!!
***
رواية (وردة غير رسمية) لايريس ردوك, أيضاً أصبحت رواية عالمية على الرغم من أن كاتبتها لم تكتب من قبل أية رواية, ولم يكن لها أية تجربةسابقة(!!).. تقول الرواية :
ـ إن كل حقيقة في حياة الإنسان هي وردة, لها عبق ولها جذور وأغصان ولابد أن نرويها باستمرار!!
وإيريس تكتب بأسلوب رومانسي حافل بالعاطفة والخيال والرؤى والحزن العميق.. ولكن !..
ـ ولكن؟! لماذا هذه الرومانسية ولماذا هذا الأسلوب الأدبي الرومانسي؟! لماذا قصص الحب وروايات الغرام ونحن في القرن الحادي والعشرين؟
***
ـ صرنا في زمن نرى فيه الناس يسخرون من كلمة ندية بالعاطفة!!..
ـ صرنا في زمن لايخاطبك أحد إلا على ركائز المادة والمشكلات المتراكمة والحوار المنطقي العقلاني بعيداً عن الحب!..
ـ إنسان هذا الزمن غارق حتى أذنيه في المادة , لذلك فهو عاجز عن أن يعطي أي ابتكار في فعالية الروح المؤثرة!…
ـ ومع هذا وذاك فالعاطفة الموجهة لاتزال أجمل وأنقى خاصة في الإنسان !
ـ فلماذا لانكتب باللغة الشاعرية لنصل إلى الوجدان بالعقل؟! لماذا ؟!
***
ـ هل أذكر لكم رواية ( تايتانيك) التي صارت فيلماً!
هذه القصة الموحية الإنسانية الرقيقة أضحت فيلماً ناعماً مؤثراً.. فيلماً توجّه إلى العالم فأبكى وأثار شجوناً, وحرّك مشاعر, وأجج مواقف وعواطف!!
لكن البراعة هي في استخدام الأسلوب الرومانسي
كتعبير لأغراض الحياة وحاجاتها!
***
والزمن .. هذا الزمن الذي تبدل تحت إلحاح المادة والمصلحة والألوان والأهواء والنزعات , ما أحوجه إلى مثل هذا النوع من الكتابة الأدبية!
ـ ثم ما أكثر الناس الذين أسقطوا الشعور النبيل في أنفسهم؟!!
فلماذا لانكتب لهم ونحرص على عواطفهم ؟!! لماذا لانثري وجدانهم؟!!
لماذا لانخلصهم من هذه المؤثرات العصرية المادية؟!
***
ما أجمل الكلمات التي تزرع في النفس الظلال والألوان, وتحيي النبض والرؤى وترسم الأزهار والمشاعر العميقة؟!
ما أجمل الكلمات التي تبدد الكآبة وتزيح الهموم وترتقي بإنسانية الإنسان وتجعله قلباً وعاطفة , سمواً ونهوضاً نحو الوجدان النبيل والحنان الأصيل؟!
***
تعالوا نكتب بمداد المودة..
تعالوا نعش فراشات وعصافير لافيلة وتماسيح.
تعالوا نجمل العمر ونبعث حكايات العشق والهيام والصحة والغنى والحضارة ، تعالوا نخاطب الروح ونحترم الإنسان ونحرص على تعمير ذاته بالكلمة الشفيفة والحب الكبير ونرتفع إلى مافوق المادة والمصلحة!!
تعالوا نتعلم كيف نغرس زهرة أو وردة أو ياسمينة!

نزار نجار

المزيد...
آخر الأخبار