يتحدث الناقد الأدبي محمد راتب الحلاق في هذا المنشور عن الموهبة الشعرية وقصيدة النثر قائلاً:
علق صديق أحترم رأيه على منشور لي يتعلق بما يسمى قصيدة النثر، وطالبني بتشجيع الشباب، وأن ﻻأقسو عليهم. ولفت نظري إلى ضرورة التمييز بين الخاطرة وقصيدة النثر، فما يكتب في صفحات الفيس، حسب رأيه ، يعد في الخواطر وليس في قصائد النثر. وكنت سأقبل رأيه هذا لو قبل به جماعة الشعراء الفيسبوكيين. وقد رددت على الصديق الذي أشكره على مروره وتعليقه بما يلي :
أنا يا صديقي أميز الخاطرة من الشعر، لكن المشكلة عند من ﻻ يميز، ويصر على تسمية ما تجود به قريحته الواهنة والرخوة بالشعر.
ثم إنني قصدت من المنشور شيئين:
اﻷول أن كتابة مايسمى بقصيدة النثر ليست بالسهولة التي يظنها بعضهم، فهي لتستحق اسمها بحاجة إلى موهبة وثقافة وتمكن من اﻷدوات، وﻻسيما التمكن من اللغة، إلى جانب خيال خلاق، وقدرة على بناء الصور وتوليفها لتشكل بنية متماسكة، ﻻ أن تكون مجرد صور مدهشة لكنها متشظية ومبعثرة ﻻ رابط بينها ﻻ فنيا وﻻ منطقيا . وقد قلت مرة إن كاتب ما يسمى بقصيدة النثر ينبغي أن يتقن عملية المونتاج إلى أبعد الحدود، ليكون نصه مدهشا وممتعا ومتماسكا فنيا.
والشيء الثاني ليس من شأن القارئ تشجيع غير الموهوبين والبغاث، فمن يريد أن يكون شاعرا عليه أن يحسن تقديم نفسه. نعم قد تكون بعض المواهب لينة في البداية لكنها مبشرة. وآخرون بينهم وبين الشعر مسافات تقاس بالسنين الضوئية، وهؤﻻء ﻻيرجى منهم أي خير ، بل وﻻ ممن سيأتي من أصلابهم حتى أجيال عديدة (كما تهكم الجاحظ مرة ).
واللافت في أمر هؤﻻء أنهم ﻻيتورعون عن تزيين أسمائهم بلقب الشاعر فلان أو الشاعرة فلانة، وينسون أن هذا اﻻسم الجليل ﻻ يدعيه صاحبه ادعاء، وإنما يخلعه اﻵخرون على أصحاب المواهب.
هل رأيت يا صديقي شاعرا معترفا بشاعريته يضع قبل اسمه هذا اللقب.