من بَسْمةِ الصُّبحِ حتَّى شَهقَةِ الغَسَقِ
مُهرُ التَّغَرُّبِ يُلقي الحُزنَ في الطُّرُقِ
يُخَضِّبُ الأفْقَ بالدَّمْعِ المُسالِ دَماً
منْ وجْنةِ اللَّيلِ بينَ الغَفوِ والأرَقِ
يُشَعِّبُّ اليأسَ في كُلِّ الجهاتِ على
مَوائدِ النَّأيِ يُذكي جُوعَ مُفتَرَقِ
يُضَعضعُ العُمرَ لا يَحنو على جَسَدٍ
قدْ أنهكتْهُ سِهامُ المركَبِ النَّزِقِ
يُعَمِّدُ البحرَ بالتَّذكارِ عَنْ ثِقَةٍ
أنَّ الخيالاتِ ترفو رحلةَ الغرقِ
وَ يزرعُ القهرَ في صَدرِ الرَّصيفِ مُدىً
يقتاتُ مِنها فؤادُ التَّائهِ الفَرِقِ
ياناكراً لحَنانِ الأرضِ كُفَّ يداً
لاتشنُقِ العطرَ في أُغرودةِ الحَبَقِ
وارحمْ جَوى الخُبزِ في تَنُّورِ منْ صَبَروا
وعلَّموا الطيرَ مَنْحَ الشَّدوِ للأُفُقِ
ظَلُّوا كما الماءِ إن سالَ السَّرابُ ضُحىً
فوقَ الصَّحارى فَرَوَّوْا ظامِئَ العَذَقِ
وعاهدوا الطِّينَ أنْ يبقَوْا ملائكةً
فَغازلوا ضربةَ السَّيَّافِ بالعنُقِ
صَلُّوا بلاداً على سُجَّادةٍ نُسِجَتْ
منْ لونِ حزنٍ يُباهي حُمرَةَ الشَّفَقِ
* *** *
يامن بترْتَ جَناحَ النَّبضِ في دَمِنا
حينَ اقترفتَ سِفاحَ الدَّمعِ في الحدَقِ
لَملمْ حِرابَكَ إنَّا معشَرٌ رتَقوا
حُزنَ المواويلِ فاسمَعْ صَهلَةَ الرَّتَقِ
واشربْ نبيذَ الرؤى ناياً نُمَوسِقُهُ
كيْ نُبعدَ الجَدْبَ عَنْ إلياذةِ الغَدَقِ
أكرمْ جراحِيَ قَدِّمها على طبقٍ
لاتَبخَلَنَّ على الأحبابِ بالطَّبقِ
ونَسِّقِ الرُّوحَ أزهاراً منَضَّدةً
منْ دوحةِ العِشقِ واحضُنْ روعَةَ النَّسَقِ
شفَّعتُ فيكَ حنيناً أنتَ جَذوتُهُ
أسرجْ مطاياكَ واعبُرْ طَلسَمَ النَّفقِ
هاقدْ منَحْتُ بقايا الرُّوح لَيلكَةً
فاقرأ بقايايَ في حِبري على الورَقِ
طهَّرتُ روحِيَ من كُرهٍ وَمِن دَنَسٍ
عَوَّذْتُ قلبي بربِّ النَّاس و الفلقِ
في سُرَّةِ الوعدِ قدْ خَبَّأتُ قُبَّرةً
كيما يصيرَ من الصَّفصافِ مُنطلقي
لعالمِ النُّورِ حيثُ الحُبُّ مأثَرَةٌ
أغلى مِنَ التَّبرِ والياقوتِ والوَرِقِ
يُدَغدِغُ الغيمُ أجفاني فَيَهْطِلُني
قمْحاً سَخِيّاً فأخْفي ثورةَ الحَنقِ
في بيدرِ القلبِ قَدْ كَدَّستُ قافلةً
مِنَ العصافيرِ كَيْ أرتاحَ مِنْ نَزَقي
أحثو مِنَ الطَّلِّ في أجفانِ زنبقةٍ
دِينَ الودادِ الذَّي مازالَ مُعتَنَقي
ياسر فايز المحمد