تتشبث بأوراقك وأنت توزع حروفك تبراً للأقاحي، تحتار في أي الجهات تكون بوصلتك طوق النجاة، تستنفر أفكارك كلماتك حروفك صورك الشعرية قوارير عطرك التي عبأتها من روابي بلادنا الخضراء وأنت أكثر ثقة أن أدواتك التي تبدع بها كل هذا الجمال الآسر هي من نبض وروح…
أدواتك نبض قلبك الذي عانق مداد المتعبين الكادحين وهم يسيقظون باكراً..وأحلامهم ( على قدهم )..
يحثون الخطا نحو الحقول المترعة بالخير والعطاء..
تعرفهم طرقات القرى المتعرجة وشوارع المدن المكتظة وهم يفترشون رزقهم وعيونهم ترنو إلى المستقبل…ينتظرهم في بيوتهم ومنازلهم مطالب كثيرة لا تنتهي..
لاتجد بداً من حزم حقائبك لتبدأ السفر على الورق وأنت أكثر ثقة بأن الصباحات الجميلة تشرق لأجل الشرفاء الطيبين الذين يعطون للحياة بهجتها وألقها جمالها وصفاءها.
السفر على الورق رحلة في عوالم متداخلة غنية ملونة تتمازج فيها الصور وتتناغم الأصوات لتبدو معها اللوحة الوليدة أكثر بهاءً ونقاء..
لا يعرف متعة السفر على الورق إلا من أدمن حب الكلمة الصادقة المؤثرة في الآخر والتي تبدو مراكبها أكثر أماناً وهي تجوب في بحار المعرفة التي لا تنتهي من يسافر على الورق يدرك جيداً أن المحطات كثيرة، والمواعيد لاتنتهي ، والانتظار أبجديته، وهو يوزع نبض قلمه، وفرح أحلامه على مساحات بيضاء لتدب بها الروح بعد سنين من اليباب.
نسافر على الورق مهما بعدت المسافات وتزايدت المتاعب وطال الانتظار ، ثمة محطات تستحق التوقف والبوح بدفء الكلمة وألق الحرف ما دامت الصباحات الجميلة والإنسانية والمحبة والتسامح والتضحية والفداء زادنا ونبض قلوبنا الذي لم ولن ينضب أبداً .
ربما يتذكر قراء الفداء القدامى هذا العنوان (مسافر على الورق ) قبل عقدين من الزمن ، لتتحول فيما بعد إلى (قطر الندى) ومن ثم إلى الزاوية الحالية (على ضفاف العاصي )
وقد تشرفت بكتابتها بأسمائها الثلاثة وكانت محطة هامة أعتز بها ،فهي من الزوايا الهامة والرئيسة في صحيفتنا الفداء التي هي صوت الحقيقة ونبض الناس .
* حبيب الإبراهيم