متابعات : الجلسات البحثية لمهرجان المعري الرابع عشر.. فضاء الشعر والحكمة

اليوم الأول
برعاية وزير الثقافة محمد الأحمد وتحت شعار الثقافة ذاكرة وطن،وبحضور جماهري مميز، تم افتتاح مهرجان أبي العلاء المعري الثقافي الرابع عشر، فضاء الشعر والحكمة ،الذي تقيمه مديرية ثقافة إدلب في المركز الثقافي في ساحة العاصي بحماة، وبدأت الفعاليات بقصيدة شعرية للشاب علي حاج خميس الذي تحدث عن المعري والمرأة، ثم تلتها كلمة لرئيس اللجنة العلائية أحمد غريب الذي تحدث عن فكر المعري الغني وعن الدراسات التي أجريت على شعره، ليتلو ذلك كلمة لمديرة الثقافة بإدلب ميادة جبور حيث تحدثت عن المعري المحذر من الجهال، أعقب ذلك مشاركة هامة من باقة من الشعراء الشاعر محمد سعيد العتيق والشاعر والشاعرة ندى سلامة والشاعرة رولا حسن، واستكمل البرنامج بجلسة بحثية غنية لمجموعة من الباحثين، أدار الجلسة الباحث معتز البرازي، الذي أعطى لمحة عن المعري الشاعر الذي رهن نفسه في سجون القلق والعزلة ،شارك في الجلسة كل من الدكتور صلاح الصالح بسردية الروح حيث تحدث عن دراسة النتاج الأدبي للمعري نصوص المعري مبيناً أنه وبرأيه الذي يخالف آراء الكثير من الباحثين ،بأن الأساس في استمرارية نصوص المعري إلى يومنا هذا، يكمن في عبقرتيه وليس نتيجة حياته الشخصية، وتحدث عن ذم المعري لقومه وذمه للبشر أجمعين، متجاوزاً في ذلك بشار بن برد/ فالأسوأ في شجرة الخلق هم البشر/.كما تحدث عن نصوص المعري الوعظية وعن موقفه تجاه المرأة .
ثم استؤنفت المحاضرات مع الدكتور باسم جبور ورسالة الغفران والرحلات الخيالية في أدب المشرق القديم،حيث تحدث الدكتور باسل عن رسالة المعري حيث يصف الجنة ويتحدث عن رحلة ابن القارح إليها ولقاء الأدباء والشعراء،أما الجزء الثاني من الرسالة فكان رداً على رسالة ابن القارح بحديث مباشر موجها إليه مبينا أسباب حديثه, مستحضرا قول طه حسين عن رسالة الغفران معتبراً إياها أول قصة خيالية عند العرب، ومقارناً بينها وبين نصوص من الأساطير القديمة قارئاً مقتطفات من كل من أسطورة أدبا، وأسطورة إيناتا، نص من رسالة الغفران، ليقدم بعد ذلك مدير الجلسة الباحث الثالث وهو عطية مسوح وكان حديثه عن ديوان اللزوميات للمعري الذي تجاوز المألوف في شعرنا العربي فبني على رويين واتسم بطابع فكري فلسفي، وقد حققت القصيدة التآلف بين المعنى والمبنى في شعره ، فشعر اللزوميات يعنى بالفكرة أولاً، فتراه ابتعد عن الصور والأخيلة وبدأت بعد ذلك المداخلات القيمة من قبل الحضور معبرة عن الاهتمام بالمادة الأدبية.
اليوم الثاني
بدأ مهرجان المعري يومه الثاني، بافتتاح معرض للرسم الكاريكاتوري للفنان المهندس محمد كمال حمشو، بعنوان /إيد بإيد مكملين سوا/ الذي عبر لنا عن سعادته بمشاركته بهذا المهرجان برسومه الكاريكاتورية ،والتي غطى فيها جوانب متعددة ،منها السياسية، ومنها الاجتماعية والاقتصادية ،وكان يهدف من رسوماته أن يجعلها أشبه ببقعة ضوء على الحال، فقد تناول كيف تشرد أهل إدلب من بلدهم كما تناول المعاناة الاجتماعية من غلاء الأسعار وغيرها، محاولاً إيصال فكره بأبسط الطرق ،كما شارك بالمعرض أيضاً عبد السلام الباشا بلوحات تحدثت عن آثار محافظة إدلب، وبعد الافتتاح تلا المعرض فقرة فنية لطلائع البعث فرع إدلب ،لتبدأ بعد ذلك الجلسة البحثية القيمة التي شارك فيها كبار الباحثين، والتي أدار جلستها الدكتور أحمد أبو راس، كانت البداية مع الباحث الدكتور هايل الطالب، حيث تحدث عن صورة المرأة في شعر المعري، فبدأ حديثه بالجدل الذي أثاره المعري بشعره ليعرض لنا أنماط صورة المرأة في شعر المعري، فقدم لنا صورا متعددة للمرأة عنده، متحدثاً عن المرأة الأم والتي تمثل الناحية الإيجابية من صورة المرأة عند المعري، هذا الذي حرم من والدته، رغم حبه الكبير لها وكم فضل موته على أن يسمع نعيها، واصفاً لنا مدى حزن المعري وألمه على أمه التي أجبر على فراقها ، لذلك رأى الباحث أن هذا ما دفع المعري لأن يوصي في اللزوميات بإكرام الأم وبذكر فضلها ،لينتقل الباحث بعد ذلك إلى صورة المرأة المتغزل بها، موضحا أن تلك النظرة بدت واضحة في ديوان سقط الزند للمعري ، ففيه قصائد الحب التي شدا فيها أبو العلاء بغزليات تذوب رقة ووجدا ،لينتقل بعد ذلك إلى الصور الأخرى فتحدث عن صورة المرأة الزوجة ثم المرأة العجوز، ثم المرأة المنتقدة، ليعرض بعدها بعض آراء الدارسين لشعر المعري حول التناقض القائم في شعر المعري في نظرته إلى المرأة ،من مدح أو ذم ، ليعرض في الخاتمة النتائج التي توصل إليها.
لتستكمل الجلسة البحثية ببحث مهم قدمه الباحث رضوان السح حول الصوفية في رسالة الغفران :
بدأ الزميل رضوان السح بحثه عن سمات التخلف التي تعصف بالمجتمع العربي فرآها تتلخص في الجمود والتقليد وإبطال عمل العقل المبدع, وبيّن كيف اتخذ العلماء الكبار في تراثنا العربي مواقفهم من ذلك الجمود عبر طريقين اثنين متباينين أولهما طريق العقل والمنطق والفلسفة, وسار عليه الفلاسفة الأوائل من أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد, والطريق الثاني هو طريق العرفان والتصوف ومن أعلامه البسطامي والجنيد والحلاج والسهرودي وابن عربي.. ثم تحدث عن تقاطعات بين الصوفية وفكر أبي العلاء, داخلاً في رسالة الغفران ليقف على رأي المعري من المتصوفة عبر علمين كبيرين هما الحسين بن منصور الحلاج وأبي بكر الشبلي مصححاً ما وقع من خطأ في رواية ابن القارح والمعري, أو عند محققة رسالة الغفران د. عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ).
ثم كان للباحث الدكتور راتب حلاق رأيه في البحث الذي قدمه حول أبي العلاء والفلسفة فبدأ حديثه عن أبي العلاء الذي لقب بالشاعر الفيلسوف، وفيلسوف العرب ،مشيرا إلى أن أبا العلاء كتب في الشعر والفلسفة عن طريق صوغ أفكاره شعراً أو نثراً، دون أن يسمي ذلك فلسفة، ووضح ذلك في ديوان اللزوميات وفي رسالة الغفران، معتبراً المعري من أهم العقلانيين العرب، وهو الفيلسوف الإنساني الذي يريد الخير للجميع، هذا وتطرق الباحث إلى النظرة التشاؤمية في شعر المعري وكان رأي الباحث أن المعري مؤمن ممتلئ بالإيمان العميق لكن له أسلوبه الخاص بإيمانه بوحدة الخالق ورسالة نبيه,
إن تفكير المعري العميق قاده إلى الشعور بالاغتراب في المجالات كافة فكان الاغتراب النفسي والاغتراب الاجتماعي، والاغتراب الاقتصادي، وقد اختا ر الباحث لنا بعضا من أبيات المعري جسدت ذلك الاغتراب، وتلك الأفكار، وانتهت الجلسة بمداخلات قيمة من الحضور عبرت عن مدى غنى المادة والجلسة.
أيضا كان في هذا اليوم لقاء شعر ي من خلال اللقاءات الشعرية لكوكبة من الشعراء المتميزين
أعقب ذلك تكريم للمشاركين.
اليوم الثالث:
أما فعاليات اليوم الثالث الخميس فقد كان حفل الختام وكانت البداية مع مصطفى الصمودي رئيس اتحاد الكتاب العرب فرع حماة ،الذي حدثنا عن المعري قائلا بأنه ليس ظاهرة عربية فقط بل ظاهرة عالمية، ومن يريد أن يعرف عنه يجب أن يغوص في أعماقه.
ليعقب بعد ذلك الحفل الغنائي للفنان الكبير شادي عبد الكريم، وسط تفاعل الحضور. ثم ختم المهرجان بكلمة لمديرة الثقافة بإدلب ميادة جبور، وكلمة لرئيس اللجنة العلائية، ثم التكريم للمشاركين والقائمين على هذا العرس الثقافي الوطني.

شذى الوليد الصباغ

المزيد...
آخر الأخبار