الكتاب الذي نشره الأديب محمد عدنان قيطاز (أوراق من تاريخ حماة) متنوع جمع فيه مواضيع متعددة مابين دور المؤسسات الحموية في عصر النهضة والعاصي والنواعير وماجادت به قريحة الشعراء وكتب التراث والصحافة في حماة وألفية ابن مالك وملوك حماة الأيوبيين ونسبهم وخص أبا الفداء ملك حماة الذي سميت حماة باسمه بملف خاص.
أسلوب كاتبنا المربي الكبير والجار الحبيب أسلوب أدبي بديع نسق كلماته وجمله بما جادت به ذاكرته ومراجعه وبحوثه الجمة. واقتطف من زهوره زهرة شدتني عن حماة والنواعير كتبها الكاتب السويسري فيليب بندل:
«تقوم هذه النواعير بالإيقاع المنسق لحياة السوريين، فهي تتكلم بلغة الأبدية البسيطة لتروي قصة حياة عظيمة لهذه البلاد المدهشة. ثم يقول: يقف السائح فجأة وهو مأخوذ بدوار التاريخ، فالعالم هناك في عريه الأزلي، ففي الجنوب هذه دمشق.. وليس بعيداً عن تركيا تقوم حلب العظيمة.. وفي الشرق هناك الصحراء المترامية التي تتحول فتصبح واحة في تدمر.. وعلى أطراف خط الطول جنوبي البلاد هنالك بصرى.. لكن الدفق والنغم الداخلي الحقيقي من سورية الخالدة، فهو من حماة التي تضرب على وتر ألحان هذا الدفق الفياض، فهي تترنم بمزاميز خفايا ثقافتنا، وهي تردد من غير أن تتوقف أبداَ تاريخ الإنسان.. النواعير علامة الاستمرارية، والجو بجوارها يوحي بالسلام الدائم.
إن الدهر يدور، وإن النواعير لتدور، وكلاهما خالد إلى الأبد، وفي كل دورة يبزغ نجم، ويغرب آخر، والنور الضئيل المنبعث من قنديل في محراب الأزل سيظل رمز عطاء لاينفذ، يصل الأول بالآخر، والحاضر بالغابر.. إلى أن يرث الله الأرض وماعليها.
غالب الصواف