هي آخر مجموعات سليمان عواد، نشرت بعد وفاته بإشراف ولده الدكتور رياض, بالتعاون مع مجلة الثقافة.
المجموعة تتضمن مقطعات شعرية دون عناوين وإنما وضعت لها أرقام بلغت 230 مقطوعة, عدد صفحات المجموعة 184 صفحة من منشورات مجلة الثقافة, وقد ذيل غلافها الأخير الشاعر عبد الكريم دندي معرفاً بالشاعر سليمان عواد, فيقول:
سليمان عواد: عصفور يزقزق للحب والجمال والطبيعة.. متفرد في كلماته تسبح عذوبة صوره, وتسبح في كونه الشعري الساحر عوالم بكارة وبراءة وطفولة كل هذا تجده في إبداعاته الشعرية يقودك إلى تلك العوالم هوناً, ويدعّك إليها دعّا, يشكلها ثم يلونها كما يحب قوس قزح).
يُعتبر سليمان عواد نسيج وحده في الشعر المنثور, فهو وإن كان من الثلاثي الذي تحدث عنه الشاعر اسماعيل عامود وهم اسماعيل عامود، محمد الماغوط، وسليمان عواد، الذين كانوا يتسكعون على أرصفة دمشق, إلا أن كل واحد منهم كانت له تجربته الخاصة فسليمان لايشبه محمد الماغوط كثيراً ولكنه يقترب من اسماعيل عامود.
تغلف هذه المجموعة روح الرومانسية بانفعالاتها وعواطفها وعواطف سليمان في هذه المجموعة موجهة إلى امرأة واحدة, ذات عينين خرنوبيتين, وهو بخلاف الشعراء الذين يتغزلون بعدد من النساء يقول الشاعر:
حين تقرأ مليكتي الساحرة
هذه القصائد السكرى
ستبتسم قليلاً, وترف عيناها الخرنوبيتان
بالغبطة الصافية, والامتنان
وتقول : لقد غاليت كثيراً
في حبك ياشاعري
ويقول في مكان آخر حول عينيها الخرنوبيتين:
لو كان بمقدوري
أن اجعل من عينيك الخرنوبيتين المتألقتين
باباً إلهياً في أعالي السماء
يستشرف كل آفاق العالم وأسراره
ويطمح إلى مسح كل أثقال القلوب
وأوجاع الأرواح
من صدور الناس المتعبين
وهؤلاء المتعبون كانوا يشكلون له هماً، فهو يتمنى أن يساعد جميع هؤلاء ولذلك فهو يشعر بثورة في دمه, فيقول:
الثورة في دمي تشتعل
أبطال: العصور القديمة
ينهضون في دمي
لاتلمسني أيها الزمن
لاتلمسني
سأحطمك بثورتي إن فعلت
وأجعل دمك الكريه
ينسفح على قدمي
كما ينسفح دم ثور
على قدم جزار
لآسترد كرامتي
وكرامة بني البشر.
وله أحباب آخرون هم البحر والوطن والكادحون:
أيتها المصانع العالمية الجهنمية
المصانع التي تصنع الصواريخ والقنابل
وتنسج شرور الموت والدمار..
أيتها المؤسسات اللا أخلاقية، واللاإنسانية
ألا.. دمري كل صواريخك وقنابلك
واصنعي بدلاً عنها, خبزاً، وأدوية
ثم وجهي
أفواه مدافعك المجرمة, للقضاء
على جيوش الجوع والفقر الغازية
ولاتوجهيها
لتدمير
من يدافعون
عن كرامتهم
وكرامة شعبهم وأوطانهم!!
والشاعر يريد أن يكون الشعر متمرداً :
لتكن قصائدنا المتمردة نسوراً
تخترق سحب الرتابة والاجترار
.. القصائد المبهمة , أطيار في أقفاص
مساجين الغمض والتقليد
القادم من وراء البحار
لنتمرد لنتمرد .. لنختط طريقاً للشعر جديدة
جديرة بتقديم حضارة القرن العشرين)
فالمجموعة قصيدة حب طويلة فيها عواطف جياشة وآمال وأمنيات كثيرة لكنه لم يتمكن من تحقيقها فنشعر أن الشاعر محبط في أواخر أيامه لأنه لم يستطع تحقيق آماله فتمنى أن يكون كالطائر الاسترالي الذي يطلق أغنيته الأخيرة ويسقط ميتاً.
علي أمين