لم يختلف هذا العام عن الأعوام السابقة لناحية ازدياد الأعباء والهموم لدى الشعب السوري والتي كادت تنسيه أي مظهر من مظاهر الفرح فهو مكرهاً لابطل أمام موجة الغلاء العارمة التي لا تعرف لا عيداً ولا احتفالاً ولا فرحاً أن يتخلى عن هذه الأجواء والطقوس رغم أهميتها
شجرة عيد الميلاد من المعروف أنها جزء أساسي من الاحتفال بأعياد الميلاد لم تكن بمنأى عن استغلال التجار و طمعهم غير آبهين لا بالعيد ولابفرحته ولا بالمعاني التي ترمز إليها الشجرة بعد أن ارتفعت أسعارها هذا العام حوالى ٥٠ بالمئة عن العام الماضي وبالتالي أصبحت الشجرة حكراً على طبقات قليلة اما الغالبية فحكماً غير قادرين على شرائها بالأسعار الحالية في ظل الظروف المعيشية القاسية التي بالكاد يتدبر فيها المواطن تأمين طعام أسرته.
علياء البارودي قالت: كل أسرة تتمنى أن تدخل الفرحة إلى قلوب أطفالها وتتمنى أن تشعرهم بالعيد وشجرة عيد الميلاد إحدى هذه المظاهر إلا أنه وللأسف في ظل الأسعار الحالية لا أعتقد أنه توجد أسرة قادرة على تحقيق رغبتها تجاه أبنائها فسعر أقل شجرة يتراوح بين ١٥- ٢٥ ألفاً وتصل أسعارها إلى ١٠٠-١٥٠ ألف ليرة وذلك حسب نوعها وطولها، هذا عدا عن أدوات الزينة المرافقة لها والتي تتراوح تكلفتها بين ١٠ -١٥ ألف ليرة كحد أدنى فمن هي الأسرة القادرة على شراء الشجرة ومستلزماتها؟.
وحتى الألعاب ارتفعت
أيضاً هناء المحمد قالت ليس فقط الشجرة وإنما كل شيء ارتفع سواء الألعاب فكنا في كل عيد نشتري لأطفالنا هدايا لبابا نويل كي يدخل الفرح إلى قلوبهم إضافة إلى قبعات أعياد الميلاد وثياب بابا نويل إلا أنه هذا العام سيغيب بابا نويل مع هداياه وشجرته.
رياض الأطفال تخلت عن معظم نشاطاتها
أيضاً جرت العادة أن تقوم رياض الأطفال سواء العامة أم الخاصة بالتحضير لهذه المناسبة والاستعداد لها من خلال إقامة حفلة مع توزيع هدايا وحلويات ومأكولات محببة للأطفال إلا أنه أيضاً على ما يبدو هذه العادة ستلغى.
تقول مديرة إحدى الرياض كنا نحضر لحفلات أعياد الميلاد العديد من الأنشطة والفعاليات ونقدم الهدايا وأنواعاً من الأطعمة المحببة إلا أننا هذا العام سيقتصر نشاطنا على حفلة بسيطة وتزيين الروضة برسومات يدوية وتقديم هدايا رمزية فنحن لا نريد أن تمر المناسبة مرور الكرام ولكن بالمقابل لا يمكن تحميل الأسر فوق طاقتها.
وتابعت عندما كانت الأسعار عادية لم أكن أكلف الأهل أية رسوم إضافية خاصة بالحفلة والهدايا وكنت أتحمل الأعباء وأقدمها هدية مني للأطفال ولكن الظروف الحالية والأسعار الخيالية حالت دون ذلك فلابمقدورنا ولا بمقدور الأهالي، ولكن رغم الارتفاع الكبير والتفاوت بالأسعار من محل لآخر توجد أسر رأت في أن تقترض حتى تجهز وتحضر للعيد وجميع طقوسه .
تقول ربا اقترضت مبلغاً من المال لأنني أحب أن أرى الفرحة مرسومة على وجه أطفالي ونحن اليوم بأمس الحاجة لها فمهما تكن الأسعار سأشتريها ولن أحرمهم منها. وقد اشتريت الشجرة وزينتها ومجسمات بابا نويل والملابس التنكرية.
أصبت عصفورين بحجر واحد
أيضاً هناك من تحايل على الأسعار وكما يقول المثل أصاب عصفورين بحجر واحد فهؤلاء احتفلوا ولكن بأدني تكاليف، تقول سمر لم أشتر شجرة بسبب أسعارها المرتفعة والتي تفوق قدرتي وإنما جهزت شجرة طبيعية وحاولت صنع الزينة بشكل يدوي وبذلك لم أحرم أطفالي منها ولا من الفرحة بها أما التجهيزات الأخرى من هدايا للأطفال والزي التنكري لبابا نويل فجميعها تخلينا عنها.
الحركة خفيفة
التجار وأصحاب المحال أشاروا إلى أن الحركة خفيفة أو بالأحرى معدومة إذا ما قيست بالسنوات السابقة والسبب هو الأسعار العالية التي منعت المواطن من شراء الشجرة أو زينتها وكذلك الهدايا وغالبيتهم توقف الأمر عنده بعرض الشجرة وزينتها منتظراً قدوم المواطنين لشرائها .
يقول ماهر عباس وهو صاحب محل: الطلب انخفض عن الأعوام السابقة بشكل كبير وإن وجد فهو للأشجار العادية والتي تعد أسعارها مقبولة قياساً إلى غيرها، فهناك أنواع تباع بـ ٢٥٠ ألف ليرة وتختلف أسعارها من منطقة لأخرى.
وأضاف معظم الباعة عمدوا إلى تخفيف نسب الأرباح قدر الإمكان من أجل تنشيط الحركة ولكن إلى حد معين لأنهم أيضاً يعانون من أجور النقل أو الشحن المرتفعة.
مجد العزو صاحب محل ألعاب قال: كونها مستوردة فهذا يعني أن أسعار الصرف ترتبط بها بشكل مباشر.
ونحن نقول: جشع وطمع التجار لايعرف حداً يقف عنده لا عيد ولا الفرح، فما نتمناه أن تنتهي هذه الأزمة التي كان وقعها ثقيلاً على قلوب السوريين الذين يتمنون في كل عيد أن تعود ديارهم إلى ما كانوا عليه سابقاً وأن يعود الأمن والأمان ليعود بابا نويل ومعه هداياه وشجرته التي تدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال
نسرين سليمان