أنا هلا.. أعود لأتحدث إليكم.. وأحبكم.
في غرفة جدتي إنه صندوق خشبي قديم, غنه مزخرف وعليه رسوم جميلة جداً ومغطى بغطاء حريري حلو ومطرز.
وكلما اقتربنا منه, نحن الأولاد, تبعدنا جدتي وتقول لنا هذا الصندوق بالذات لا أحد يقترب منه أبداً.
نحن نحب صندوق جدتي كثيراً, ولدينا فضول لأن نعرف مابداخله, وعندما تريد جدتي أن تفتح الصندوق تغلق عليها باب غرفتها, وكأنها تخبئ كنزاً عظيماً.
ذات يوم كانت تجلس في غرفتها لوحدها.. فتحت عليها باب الغرفة وقلت لها وأنا أقبلها:
ـ جدتي ماذا يوجد في الصندوق..؟ رجاء دعيني أرى..!!
لكنها أجابت بالرفض, وبعد إلحاح شديد قالت لي وهي تبتسم:
ـ أغلقي باب الغرفة, وتعالي لنفتح الصندوق.
فتحت جدتي الصندوق, لقد دهشت مما رأيت.. كان يوجد في الصندوق.. بندقيتين, وخنجراً, وعلم الوطن.
قلت باستغراب:
ـ ماهذا جدتي.. ؟ لديك سلاح !!
ـ انظري .. هذه البندقية لي، كنت أحارب بها مع جدك الاستعمار الفرنسي الذي احتل بلادنا، وهذه لجدك رحمه الله , كان يحارب مع الثوار ضد المستعمر وهذا الخنجر له أيضاً.
ـ وهذا العلم ياجدتي.
ـ هذه الراية! حملتها وقبلتها..
ـ كان جدك يحمل الراية ويركب حصانه ثم يمشي في مقدمة الثوار وهو يكبر ويقول:
(الله أكبر. النصر للعرب).
أرأيت ماذا يوجد في هذا الصندوق ياحلوتي؟؟
كنا ندافع عن أرضنا وبلادنا بشجاعة وبسالة, المرأة بجانب الرجل تحمل السلاح وتضمد الجرحى, وتعد الطعام للثوار..
ـ جدتي أرى بقدمك تشوهاً …وكنت تقولين لي :
ـ هلا .. هذا منذ زمن.
أجل هلا, قدمي هذا أصيب بطلق ناري من العدو الفرنسي عندما كنت أحارب إلى جانب الثوار, لذلك تشوهت وفقدت أصبعي هذا .
المهم حققنا النصر ونحن الآن نفتخر ونعتز بوطننا وبلدنا الحبيب سورية.
أرأيت ماذا في الصندوق.. ذكريات حرب ضد المستعمر، إنني أعتز بها وهي أثيرة لديَّ..
اقتربت منها :
ـ جدتي.. دعيني أقبلُ يديك, وأنا بكل فخر سوف أحدث رفيقاتي عنك وأقول لهم:
(إن جدتي كانت بطلة عظيمة).
رامية الملوحي