بقيت ساعات غير مدركة ما أنا فيه, أردت أن يخبرني أحد أن هذا محض خيال, أو حلم جميل, أخبروني كيف لحديقة أن تضم الأطفال كأنها أم حنون, كيف للأشجار أن تتمايل على موسيقا الرياح كأنها فتيات حالمات! كيف لي أن أعرف! أنظر يميني فأرى أزهاراً وردية مدّت كبساط ينتظر العروس في ليلة الزفاف أنظر شمالي, فأرى سلاسل الفضة المنسابة بين الأشجار وهي تستقيم بكل حنان وخيوط الشمس تداعب أوجه الأطفال, فترسم البسمة والأمل, ريح المسك, ملأني حتى شككت أنه من الأزهار بل بدا كأنما مياه النهر قارورة عطر مسكوبة على الأرض, فروت الأرض والأزهار وفاح المسك, فملأ الجو عبيراً لاينسى مهما طال العمر, في كل خطوة ترى زهرة تبتسم في وجهك سعيدة بقدومك في كل خطوة ترى أملاً يتجدد, مع كل غصن أخضر وبسمة طفل, فتمشي سارحاً مستسلماً للخيال, وأنت تستمع إلى حفيف الأشجار, وزقزقة العصافير, وهدير المياه, وضحكات الأطفال فتحسب أنها معزوفة لأمهر فنان.
فلا الأم بعد هذا إذا لم أدرك أني في حديقة فإذا كانت هذه على الأرض, أخبروني كيف تكون جنة الرحمن!
خديجة الراس