الإحساس نوع من أنواع العلم ، هو شيء يشبه الموهبة نوعا ما ، إذ الموهبة هي هبة من عند الله وكذلك هو الإحساس أيضا هبة ، كما أنه من الممكن اكتسابه!
يسألني سائل كيف هو هبة ويمكن اكتسابه ؟!
عندها أجيب، أليس خلقك على هذه الهيئة وهذا الجمال هو هبة من الله ؟ نعم
الجمال الملموس هبة ولكن بعض البشر لديهم بعض التشوهات الخلقية ، وفي عصرنا هذا هناك شيء يسمى بعمليات التجميل يمكنك أن تحسن مظهرك من خلالها !
وبالتالي إن قلت لك إن الإحساس موهبة والموهبة لا تباع ،فلا تصدقني!
كل شيء ممكن ، يمكنك ، قد يكون الثمن باهظا جدا ، بل وإنك ستظل تدفعه كل حياتك ، حبا لا ينضب ولا ينتهي أبدا!
ولكن بالمقابل هو سلعة تستحق ؛ لأنه سيغير حياتك ، بل إن الحياة به ستجري في دمك ، بحلوها ومرها ، بجميلها وقبيحها!
لأنك ستسمع العالم!
ستشعر بكلمات الكتاب تنبض بين يديك ، ألوف الكلمات مع ألوف القلوب ؛ تنسكب في دمك وقلبك وعقلك وتسمو بروحك! .
سيصلك إحساس الفنان!
وستشعر بنسمة الهواء!
رقرقة الماء!
مرارة وحلاوة الدواء!
يد الفقراء!
أنين الضعفاء!
بكاء الأطفال ودماء الأبرياء!
لحظة فراق ، وشوق لقاء! .
ستخطو ، ستخطو بقلبك نحو مشانق العيون النجلاء! زرقاء وخضراء وسوداء وعمياء!
وستفهم! ،ستفهم الأدباء والعلماء ، ويمضك جهل الفقراء!
لن أضمن لك أبدا أبدا أبدا ، بعد معرفة حقيقة حقيقة حقيقة الإحساس ، أن تعيش بصفاء!
ولن أقول لك أنك ستحب العيش على الأرض ، فأنت لن تنظر إليها إلا قليلا حين يكون عقلك قد اعتلى عرش الأعالي.
سوف تشعر بالقوة والضعف
بالعجز والاستسلام
بالثورة والخنوع
بالعز والجوع
سوف تحس بأنك كتلة من الأعصاب التي تحس بذرة الغبار التي تلتصق بقدميك ؛ والتي تحتاج لمجهر الكتروني لرؤيتها!
سوف تكون كتلة من العيون التي ترى كل شيء!
سوف ترى ما تريد رؤيته!
بل إنك سترى وسوف لن ترى!
قد تتمنى أن ليتني لم أحس يوما!
ليتني لم أشعر!
وحيد أنا ، لا أحد مثلي ، أنا وبعد كل هذا الإحساس
أنا!
أنا!
أنا سأكون النشاز في سيمفونية هذه الحياة!
سأكون كذلك عندما لا أجد من يعرف قيمتي ، يفهمني ، يشعر بي عندما أشعر بالوحدة!
عندما يكون الإحساس سببا في انعدام الإحساس!
عندما يصل الإحساس الى مرحلة الاستنزاف!
عندما أجلس كذاك الطبيب في مستشفى المجانين ، في الزريبة تلك ، في الحظيرة في…..لا أحرك ساكنا ، ولا أساعد مريضا ، ولا أداوي شيخا ، ولا أسمع أنينا ، ولا أرى حافيا ؛ لأنني قد نظرت إليهم كلهم بمافيه الكفاية وحدي!
لأنني عالجتهم وحزنت عليهم وأفنيت جسدي وأعطيت وقتي وعمري لهم كلهم وحدي!
لأنني عشت في عالم آخر عالم الإنسان الحقيقي وحدي!
لأنني تعلمت الكثير من الأشياء ومنها الإحساس ، لكنني تعلمتها في زمان في مكان يخطئ فيه كل من يتعلم بل إنه يصاب بالجنون أيضا وحده!
سأصادق المجانين ، وسأحاورهم ، سوف يوبخونني ، وسأسمعهم ، وأضحك وأطلب المزيد!
هذا الشخص ، هذا الإنسان ، هو الوحيد الذي يفهمني!
هذا هو الصديق الذي أبحث عنه لقد أخرجني هذا المجنون من وحدتي ، وبسببه سأنعت بالجنون وبسببه سأرحل الى عالم آخر لا أعرف كيف سيكون !
أكون حساسا أو لا أكون.. يعني أن أكون إنسانا أو لا أكون!
آلاء زقزوق
كلية الآداب ـ جامعة حماة