خلوت بنفسي ذات ليلة شتوية قاسية البرودة، أتأمّل تفاصيلها.. انقبضت الحياة من شدة البرد، وتجمّدت في عروق المواسير الصدئة الملتصقة بجدران المنازل عبر السنين، زمهرير مخيف، والرياح من شدتها كأنها شخص يطرق الأبواب، والنوافذ قد اتخذت قرارها بإصرار وعزم شديدين على الدخول دون استئذان من أحد.
كانت عقارب الساعة تزحف في ملل متثاقلة نحو الرابعة صباحاً، وبصيص من ضوء الشمس الخافت لصباح يوم جديد يتسلل بخفة عبر شفافية زجاج النوافذ المفترقة عن ستائرها، والبرد القارس لايزال ينهش أعضاء النّاس وأحشاءهم.
كانت تلك الليلة بمثابة صديق وعدو.. قلب قاس وحنون . . ومازلت أستطيع أن أتذكر كل التفاصيل في كل ثانية من تلك الليلة.
روان فادي فخري