صديقتي القريبة .. البعيدة .. ! !
إليك أكتب .. أكتب إليك وأنا بشوق لك من الغربة التي فرضت عليّ . ذكرتك كثيراً ورأيت ابتسامتك تهلّ علي من بين غيمات خريفية حزينة .
الشمس يا حبيبتي .. بدأت تلملم وشاحها المذهب وكانت تحتضن الطبيعة بدفئها المعتاد . ثم تسللت هاربة من بين نوافذ الغروب .
قرب شجرة يشكو منها تراكم الزمن والوحدة ، كيف أتكئ على جذعها أسمع حكايات الغدير القريب منها ، وفجأة ! أحسست في خرير الغدير حكايات حزن موجع كأنها تنعي أيامي الضائعة .
رميت ببصري إلى انحناءات الغدير ، وكأن للمياه زمجرة وقلقاً ..
فرأيت الطيور تغرد لأغاني الفرح .. رأيتها تجمد وتصرخ ، تشق الهدوء القابع معي … حتى الأغصان أثكلها الشجن فانحنت مستسلمة لصفعات الريح . بعد أن كانت نسماتها حانية ..
أزحت الغفوة التي سرقت أفكاري ، وحاولت أن أملأ ما تبقى من السطور ولكن القلم خانني ، والكلمات قفزت مضطربة ، وغامضة ..
صديقتي ! الورق أوشك أن يتمزق من جفاف المعنى في كلماتي ، وحاولت ثانية .. وثالثة .. وأخيراً صرخت من أعماقي :
ــ أميرتي .. ! مدي يديك إليّ .. !
أقبلي ! تعالي من نوافذ الغروب فهو ينتظرك معي في كل الفصول والأزمنة !
لقد أنهكني الركود تحت سطوة القدر ، وأنت أمنيتي وإيماني وتأملاتي في غربتي .
تعالي .. لأضمك إلى صدري .. ففي قلبي أغنية لم أغنيها بعد .
الآن رميت القلم حبيبتي ! وتداخلت عيناي في تقلبات الغدير الذي حمل إلي صورة الحبيبة . فرنوت بحنان جائع إلى العينين الساجيتن كظلال الزيزفون ، ووجدت فيها العمق الغريب .. الذي جعلني أتوغل فيهما …
أحسست أن صوتك لحن قلبي المتألم والمنساب بلعثمته …
المترددة كطفل بين الحياء والرغبة .
فاحتضنت آخر الحروف التي حملتها في طيات وحدتي .
عزيزتي .. !
أتمنى أن تكون دنياك رائعة ، وربيعاً دائم الاخضرار !
ردت عليه برسالة هاتفية بكلمات اختزلت بها كل ما كتبه إليها :
( أنت .. ودائماً أنت .. وأبداً أنت )
رامية الملوحي