تشاد الحضارات وتبقى شامخة عبر التاريخ بأبنائها ممن يخلصون العمل والعطاء على اختلاف الميدان الذي ينتمون إليه.
عالم الثقافة والأدب أسمى العوالم كونه يمس الإنسان ويعبر عن حياته بشكل مباشر، والكاتب، على اختلاف الجنس الذي ينتمي إليه، هو لسان حال عصره.
بين يدي كتاب ثمين يعتبر مرجعاً هاماً قيماً لكل باحث ودارس، وهو كتاب (الفائت من آثار الشاعر الحموي الدكتور الإنسان وجيه البارودي) وقد جمعه وحققه وقدم له العلامة محمد عدنان قيطاز مما زاد أهمية الكتاب وقيمته خاصة وأن الأستاذ عدنان أديب شاعر وباحث مؤرخ، وقد انطلق في كتابه ضمن هذه المحاور الثلاثة، حيث قدم كتابه ضمن رؤية شاعر ناقد بحث خلف المعاني والدلالات والأوزان، وباحث دقيق مؤرخ لمسيرة الشاعر الوجيه وحياته وتاريخ قصائده حسب نظمها، وليترك لنا وللأجيال القادمة كنزاً ثميناً لم يسبقه إليه أحد، تسهيلاً لمن يريد الكتابة والبحث ضمن أشعار ونفسية الشاعر الوجيه بداية بعام ١٩٩٤ وعام ١٩٩٥ ونهاية بقصائد عام ١٩٩٦ وهي السنة التي انتهت فيها حياة الشاعر الوجيه، وليبلغ عدد هذه القصائد إحدى وخمسين قصيدة، وثمة قصيدتان غير مؤرختين، وخمس قصائد في المستدرك.
وقد اشتمل الكتاب على شعر الغزل والنقد الاجتماعي وآراء الشاعر في السياسة والحياة والشيخوخة وسيرته الخاصة وحياته العائلية ومرضه الأخير ومالقيه من فقدان البصر برؤية وقراءة متبحرة من الأستاذ عدنان استهلها بمسيرة الشاعر الوجيه الشعرية، حيث بدأ نشر شعره في الدوريات اللبنانية إبان مطلع شبابه عندما كان طالباً في الجامعة الأمريكية، باسم مستعار((أبو العباس)) تيمناً بالشاعر العباسي المجيد للغزل العباس بن الأحنف، وقد ساهم مع نخبة من الأدباء العرب-(الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، الشاعر العراقي حافظ جميل، الشاعر اللبناني عمر فروخ)-بتأسيس دار الندوة في بيروت.
وبعد عودته إلى حماة مدينته السورية شارك مع أدباء حماة في تأسيس الرابطة الثقافية التي ضمت معظم أدباء حماة.
كما تحدث المحقق عن دواوين الشاعر المطبوعة وذكر شهادات لأدباء حماة حول ديوانه الأول(بيني وبين الغواني)عام ١٩٥٠ وهذه الشهادات هي شهادة شاعر العاصي بدر الدين الحامد والقاضي بدر علوش والشاعر المحامي عبد الرحمن عياش.
ومن النقاط الهامة التي ذكرها المحقق في كتابه رأي وموقف الشاعر الوجيه من الشعر العمودي وهو موقف واضح لا مرية فيه، فهو يرى أن الشعر الأصيل هو الشعر السليم القويم، وشعر القدماء خالد تالد.
ختم قيطاز كتابه بقصيدته(إلى وجيه البارودي في مولده الفردوسي) ألقاها في الاحتفال التأبيني الذي أقامته المدينة في 2/4 /١٩٩٦/ تخليداً لشاعرها الدكتور وجيه البارودي.
الفائت من آثار الشاعر وجيه البارودي دراسة قيمة جمعت بين علمين كبيرين من أعلام حماة وهي دراسة وافية وفية لجانب لم ير النور في حياة وشعر وجيه البارودي من قبل العلامة محمد عدنان قيطاز بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على وفاة الشاعر الوجيه.
لما كربجها