حوار مع شاعر الزجل صالح مصطفى: مهرجانات الزجل فرصة غنية للقاء الشعراء وتبادل الخبرات

من قريته الجبلية الوادعة مشتى دير ماما ، كانت طفولته الأولى حيث أبصر النور عام 1959.
هناك حيث براءة القرية البكر وجمال الطبيعة وعناق الجبل للغيم، وامتداد واسع لكروم العنب والتين…مفردات بسيطة معبرة كانت الذخيرة الغنية الرائعة التي يتكىء عليها الشاعر الزجلي صالح فهد مصطفى …
(عندما اشتد العود ودب الهوى في الرأس كانت النقلة النوعية من بلدة المحروسة بدأ الشاعر مسيرته الفنية والأدبية والتي تزيد عن أربعة عقود…تنوعت القصائد وتعددت المواضيع لتلتصق بهموم الناس وأمانيهم وأحلامهم…
إضافة لمشاركات واسعة في المراكز الثقافية والمهرجانات الثقافية والفنية …
حول تجربته الشعرية ومسيرته الفنية كان هذا الحوار:
* قلة هم من يكتبون الزجل ،كيف ترى واقع هذا النوع من الشعر في أيامنا هذه؟
** الزجل نوع من أنواع الشعر الغنائي الشعبي  يعتمد على اللهجة المحكية ويرتبط بشكل رئيس بالتراث وهو قريب من أحاسيس ومشاعر الناس…
الزجل يفرض نفسه وأصبح له جمهور واسع يتابعه من خلال المهرجانات والفعاليات التي تهتم بهذا النوع من الشعر المحكي..
* الكلمة المغناة تدخل إلى القلب بسرعة ،البعض يستسهل الكتابة وبالتالي نحن أمام هبوط في اللغة يصل لحد الإسفاف؟
** مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي شهدنا ظهور الكثير من دعاة الكتابة ،البعض نعم يستسهل الأمر لذلك نجد إسفافاً في الكلمة ونشازاً في اللحن..!!
للحد من هذه الظواهر يجب أن يكون هناك ضوابط ومعايير في الكتابة والنشر والتسويق وغير ذلك .
* يقام من وقت إلى آخر مهرجان للزجل هنا أو هناك…هل المهرجانات تقدم الشاعر الذي ننتظره بلهفة؟
** المهرجانات حالة صحية وضرورية لتعزيز تراثنا الشعبي الغني بمفرداته وصوره ومعانيه ،إضافة إلى تعزيز تجارب الشعراء وإغنائها وتطويرها من خلال الاحتكاك والمنافسة …لقد شاركت هذا العام بمهرجان الزجل الأول الذي أقامه المركز الثقافي العربي في مصياف بالتعاون مع ملتقى الأديب ممدوح عدوان الثقافي الأدبي، منتصف أيلول وقد تميز بالغنى والتنوع واستمتاع الجمهور ، والذي حضر بكثافة وتفاعل إيجابياً مع الشعراء المشاركين.
*مع  انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ظهر شعراء وأدباء لا حصر لهم ..هل ترى أن هذه الظاهرة صحية وتقدم للأدب قيمة مضافة ؟
**  وسائل التواصل الاجتماعي قدمت الزجل الراقي والوضيع…هنا يبرز دور المتلقي الذي يتذوق الكلمة واللحن وعليه القيام بعملية الفرز الحقيقي بعيداً عن المجاملات ..
* تتسم كتاباتك بالبساطة والواقعية  فهي تلامس هموم الناس ،وبالتالي هل تجد هذا التجاوب من قبل القراء؟
** الزجل او أي جنس أدبي آخر يستمد شرعيته واستمراريته من خلال معالجته لقضايا الناس وهمومهم..وبالتالي لا يوجد زجل بلا هدف ،أو غاية ،أو رسالة …
* خلال الحرب الكونية على سورية ،البعض من الأدباء كان رمادياً وابتعد عن هموم وقضايا الوطن ، كيف انعكست هذه الحرب في نتاجك وشعرك؟
** الحرب الكونية على وطننا ،حرب ظالمة …أي شاعر أو مبدع يجب أن يكون له موقف وطني يعبر من خلاله عن حبه لوطنه …هذه الحرب جعلتني أكثر ثقة بأن سورية منتصرة بتضحيات أبنائها وبطولات جيشها..لقد كتبت الكثير من الأغاني والقصائد والمواويل من وحي هذه الحرب وانعكاساتها على الوطن والمواطن…
* لديك مجموعة شعرية بعنوان (سلة حكي) مقارنة مع تجربتك في كتابة الزجل أنت مقل في إصدار المجموعات الشعرية ..ما السبب برأيك؟
** هناك أسباب كثيرة حالت دون ذلك، ولعل ابرزها ارتفاع تكاليف الطباعة والنشر، لقد أصدرت مجموعتي الأولى (سلة حكي)عام 2011 ولدي مجموعة جاهزة للطباعة وهي بعنوان (اعترافات شاعر) .
* أنت عضو عامل في جمعية الزجل في سورية..ماذا قدمت هذه الجمعية للشعر والشعراء ؟
** تأسست جمعية شعراء الزجل في سورية عام 1971 ومن أهدافها تقريب اللهجات العامية المحلية من اللغة الفصحى بحيث يسهل على المتلقي فهم ما يكتب ضمن هذا الإطار..إضافة إلى إحياء التراث الشعبي في محافظات القطر..
جمعية الزجل تتيح لشعراء الزجل فرصة المشاركة والانتشار عبر الأنشطة والفعاليات والمهرجانات التي تقيمها هنا وهناك..
*تعاملت مع الكثير من المطربين وقدمت لهم كلمات أغانٍ ..كيف تنظر لهذه التجربة ؟
** قدمت مجموعة كبيرة من نصوص الأغاني والعتابا والموال  والمونولوج لعدة مطربين منهم المطرب الشعبي الفنان عادل خضور ،احمد درغام ،سليمان الشعار ،عيسى نعوس ،الراحل ( ابو سلمو ) وقدمت هذه الأغنية للفنان المبدع عادل خضور بعنوان (خلي الوتر مشدود ) :
(خلي الوتر مشدود
يشبه شراييني
عاتب بريشة عود
بلاما تحاكيني
تغربت تتنسى
وبخلت بالهمسة
يا بو عيون السود
لا ترجع تجيني )
* من يقرأ أشعارك يلحظ تنوعاً وغنى في مواضيعك وأغراضك الشعرية …أي منها الأكثر حضوراً في كتاباتك..؟
** الشاعر ابن بيئته ،منها يستمد مفرداته وصوره ، لقد تطرقت في أشعاري وكتاباتي للجوانب الاجتماعية والإنسانية والوطنيةوغيرها من مواضيع …الشاعر لا يمكن أن ينفرد بنمط واحد دون سواه وبالتالي عليه أن يكون حديقة من الأفكار كي يكون اكثر جمالاً وإقناعاً..
*أنت مدرس موسيقا وتعزف على العود والأوكورديون وتكتب الزجل والأغنية و..كيف توظف الجملة الموسيقية لخدمة الكلمة وبالعكس ؟
** تخرجت من معهد إعداد المدرسين بحلب -قسم الموسيقا عام 1985
هناك ترابط بين موسيقا الشعر والموسيقا بشكل عام ،
اختصاصي في الموسيقا سهل علي اختيار الكلمة المنسابة ذات اللحن الجميل والقريبة من أحاسيس الناس .
* هل من نماذج يمكن تقديمها للقراء؟
** تراثنا الشعبي غني ،في منطقتنا يغنون العتابا والميجنا والموال والشروقي وقد كتبت في الشأن الوطني:
(بترابها هالارض جبلتنا
وبدم حامي عالدني فتنا
ولا عمرنا عالضيم سايرنا حدا
ولا عمرها لانت عريكتنا
نسورا وعروس جبال ربيانين
وجدودنا كروم العنب والتين
عنا الطفل رجال يخزي العين
وحوش الفلا بتركع لهيبتنا
مرت سنين الجوع ما خلت حدا
غير القوي البيخاف من صيدو الردى
آدم أبونا وجدنا بي الفدا
وعطراف سهل الغاب ضيعتنا )
وفي الغزل كتبت :
(لو متل مبذهنك أنا
ولو متل مبتتصوري
شاعر زجل عمرو فنى
لتعالقيه بتخسري
بين الهنا وبين الضنا
قسى العمر عودو الطري
كرام عمرو ما نحنى
وعميجبرك تاتسهري
لو متل ما بذهنك أنا
ولو متل مبتتصوري )
* سؤال مفتوح ينتظر إجابة..؟
قلة هم من يكتبون الزجل بمعناه الحقيقي ،  علينا أن نقدم كلمة عذبة، جميلة معنى»ومبنى بعيداً عن السطحية والإسفاف ،تراثنا الشعبي  غني ،حافل يمكن تطويره وتوظيفه بما ينسجم مع تطورات العصر .
حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار