– أ –
لو فتشوا دميَ المرابطَ خلف أضلاعي
رأوا رمّانة الدار التي شهدتْ تعاستنا
وتلك السندياناتِ العتيقةَ
تزدهي قدّام بيت الطينِ
يغسلها براحتهِ الصباحْ
ورأوا مكاناً ثانياً
لعبتْ معي فيه الأفاعي ما تشاءُ:
طفولةً، سمّاً تعذّر نزفُهُ ، فوضى
وديساً زجّ في لحمي الجراحْ
شوكاً.. وحشداً من غصونِ التينِ قبل قطافها
ورأوا تحدينا لعربدة الكؤوسِ
وما تولّده العواصفُ في القرى..
ورأوكَ «عز الدينْ»
وأنا كآخرِ شرفةٍ يرمي عليّ
الوردُ نكهتها، ويشربُ قهوة الأيام من فنجانها
الموتُ المتاحْ
ورأوكَ يا مسكينُ أعنفَ من قوى التنينِ
أجملَ من تفاصيل الحياةِ:
رؤىً، وعربدةً، وحكمةَ ناسكٍ، فوضى
ومِنجَمَ رقةٍ وحنينْ
– ب –
كثرتْ تلاوينُ التعبُّدِ
بين ذاك وذا
لكنه الحبُّ الذي انْشَقَّتْ براعمهُ
على الدنيا شجرْ
حبٌّ تعطرَ بالمناجل / والمعاولِ
صِيغَ من عَرَقِ الجباه السمرِ
قُدَّ من الحجرْ
أهدى الحياةَ عباءةَ التاريخِ
يحبو تحت ظلِّ خيوطها طفلُ القمرْ
يا بلدتي… !!!
شابت على قدميكِ إبرةُ أمّيَ السمراءُ
وَهْيَ تطرّز الأشجار ثوباً للربيع المنتظَرْ
كوني الترابَ على قميصِ غوايتي
أكنِ المطرْ
أكنِ المطرْ
– ج –
كثرت تلاوينُ التعبّد بين ذاك وذا
وصاغوا لوحةً للحبّ أجملَ من قمرْ
أَخَذَتْ ضريبتَها الحياةُ..
من الطموحِ.. من الرغيفِ ..
من الجباهِ.. من الكرامة والحجرْ
صِيغتْ لها أسبابُ طَرْدِ جمالها
من لوحةٍ هي سرُّ تلويناتِها
وَتَشَكُّلٍ هي من صميم السحر في تشكيلهِ
بقيتْ ومازالت تسافر في الضياءِ..
سماؤها أنموذجُ الخصب الفريدِ..
وبعضُ عُدَّتِها التمدّنُ.. والتعدّدُ.. والتبصّرُ.. والسلامُ
وكلُّ آلام البشرْ.
– ح –
هي جزءُ هذا الكلِّ
رُدّوا دمعها المنثالَ خلف تلالها
وغيابَها.. وجميعَ أنواع الشجنْ
لمّا تزل ببداهة الأشياءِ
وجهاً في تضاريس الزمنْ
هي شعلةٌ من بعض هذي النارِ
كنا قد رميناها.. ونرميها..
عصافيراً تطير بلا جوانحَ خلف
أسيجة الوطنْ
– خ –
هي بلدتي
ومَضافةُ المطرِ الجليلِ
يرفّ أجنحةً على كتف الجبلْ
تلك الطبيعةُ كم تمايلتِ السنابلُ
فوق ساعدها المعطر بالغمامِ
وكلُّ سنبلةٍ كوجه حبيبتي
أو قلْ هي البدر اكتملْ
مَنْ ذا رأى قمراً بدائياً
يصوغ حضارةً منسوجةَ الأضواءِ
من عرقِ الجباهِ
وزغردات الليل في سهر المقلْ ؟
مَنْ ذا رآها
وهي تلبسُ زهوة الأشجار في عرس الخصوبةِ
تُنجبُ البابونجَ الملكيَّ
من وَجَناته قطف الصباحُ نهارهُ
قُبلاً.. قبلْ
هي بلدتي…
من شمسها اشتقّ المدى طيرانَهُ
في إصبعيها خاتمانِ:
نصاعةُ العقلِ المبلل بالندى
وتزاحُمُ الدنيا على يدها شُعَلْ
كم حاولوا تركيبَ أجنحةٍ جديداتٍ لها
ظلتْ تنامُ على سرير الشرق واقفةً
ولم تركبْ على شرفات قامتها عباءاتُ القرى
قامت لتنسج قامةً للحكمة العليا
وتبني حكمةَ الفوضى
وتلك هي الحضارةُ
غيمُها يروي الزمانَ إذا هطلْ
هي قريتي…
ميدانُ معركةِ الطبيعةِ
تنتخي لتَرُدَّ أطماعَ الرياحِ
هي الحبيبةُ…. والحقيقةُ
والحديقةُ….. والندى
هي سيفُ ملحمتي… وعرشُ قصيدتي
وأنا المتيَّمُ / والمحارِبُ / والبطلْ
هي هذه الأفكارُ في جسدِ الكلامِ
تُريدُ وَأْدَ قصيدةٍ برماد أخرى
ليس أكثرَ – يا تباريحَ الغمامِ – ولا أَقَلّ
توفيق أحمد