دراسات كثيرة أجريت لتحديد رقم دقيق لعدد الأطفال المناسب في كل أسرة والعدد الذي يدخل السعادة والفرح إلى قلب الوالدين فمنها من أكدت أن إنجاب طفل واحد يكفي ومنها إشارات إلى ضرورة وجود طفلين ومنها ثلاثة وأخيرة أربعة أطفال إلا أنه لايمكن أبداً تحديد العدد وإنما الأمر مختلف ومتفاوت من أسرة لأخرى وذلك حسب ظروفها وإمكانياتها وقدرتها ولاسيما أنه في الآونة الأخيرة ظهرت عوامل كثيرة لم تكن موجودة في السابق هذه العوامل فرضت واقعاً جديداً وخيارات جديدة منها الظروف المعيشية القاسية التي شكلت عاملاً أساسياً في الحد من الإنجاب والاكتفاء بطفل أو طفلين، وأيضاً انضمام نساء كثيرات إلى صفوف القوى العاملة إضافة إلى ضيق الوقت لدى الأهل وعدم إيجادهم الوقت الكافي لإعطاء الطفل حقه من الاهتمام لأن الأمر لايقتصر على الناحية المادية والمصاريف وإنما أيضاً الطفل بحاجة إلى التربية والتواصل معه والاهتمام بكل تفاصيله.
الظروف المعيشية فرضت واقعا لا نحبه
هذا ما أكده العديد من الأهالي حيث تقول مها ربيع: أعتقد أن غالبية الأسر ترغب بتكوين عائلة لايقل عدد أفرادها عن أربعة أو خمسة أطفال إلا أن الظروف المعيشية القاسية فرضت واقعاً جديداً وفرضت علينا قناعات لم نفرح بها فقد بات إنجاب طفل مرهقاً لأن التكاليف مرتفعة من لحظة ولادته.
أما حسام فقال: الأسرة الواعية هي التي تنجب عدداً من الأطفال يتناسب مع وضعها وفي ظل الظروف الحالية القاسية باتت معظم الأسر تقتصر على إنجاب ولد واحد أو ولدين مهما كان جنسهما، في حين أنه في السابق كان الأهل يفضلون أن يكون أولادهم من الجنسين ففي العصر الحالي أصبحت المتطلبات كثيرة وتكاليف التعليم عالية.
الأمر لايقتصر فقط على الناحية المادية
أما سهام فقد أشارت إلى ناحية أخرى فقالت: اقتصرت على إنجاب طفلين كي أكون قادرة على الاهتمام بهما فالأمر لايتعلق فقط بالأمور المادية وإنما أيضا الجانب النفسي والمعنوي في غاية الأهمية فالتفرغ للأطفال واللعب معهم والتحدث إليهم والاستماع إلى مشكلاتهم وحكاياتهم بالتأكيد سيكون أفضل ومتاح عندما يكون عدد أفراد الأسرة قليلاً.
عمل المرأة
في حين أشارت ردينة إلى أمر مهم وهو عمل المرأة فهذه ناحية لايستهان بها أثرت بشكل كبير على قرار الأسرة بتحديد عدد الأولاد لأن معاناتها تكمن في إيجاد مكان آمن ومناسب لأطفالها ومن كونها تقطن بعيداً عن أهلها أو أهل زوجها فهذه معاناة حقيقية للأم العاملة ومن ناحية أخرى أيضاً تكاليف ورسوم دور الحضانة ورياض الأطفال مرتفعة جداً.
طفل واحد فقط
أما مروة فهي اقتصرت على إنجاب طفل واحد كونها تفضل الاستمتاع بحياتها والخروج مع أصدقائها في رحلات ونزهات حيث قالت إنجاب أكثر من طفل يربك تماماً ويمنع الأبوين إضافة إلى ضيق الوقت فكلانا نعمل ولايوجد الوقت الكافي للاهتمام بأكثر من طفل وتابعت حديثها أن ننجب طفلا واحدا ونهتم به ونؤمن له كافة متطلباته أفضل من أن ننجب ٤ أطفال أولا نهتم بهم.
رأيها مخالف
سمر كان لها رأي مخالف فهي تحب العائلة الكبيرة فوجود الأولاد في حياتها يجعلها أكثر سعادة وقد أنجبت ٥ أطفالٍ حيث قالت رغم أن زوجي كان لايرغب بإنجاب أكثر من ٣ أطفال إلا أنني أنا من يحب الأطفال فكما تربينا نربي أطفالنا لأن الأخوة أمر مهم في العائلة يجب ألا نحرم أطفالنا من الاستمتاع بها.
العادات والتقاليد
أما سهيلة فإن التقاليد والعادات هي من ألزمتها بإنجاب ٤ أطفال حيث قالت أنجبت ٣ بنات ولم يقبل لا زوجي ولا أهله إلا أن ننجب حتى يأتي الولد علماً أنني أعلم بأن المصاريف كبيرة والمتطلبات أكثر، التي اختلفت تماماً عن الزمن السابق فالأولاد يحتاجون إلى مصاريف كبيرة مع اختلاف مراحله العمرية ومن لحظة قدومهم، وهذا لم يكن في السابق من حيث التعليم أم المستلزمات وحتى الألعاب وكذلك الاهتمام والرعاية والتوجيه في حين أنه في السابق لم تكن المتطلبات من جميع النواحي كثيرة فاليوم لا يمكن أن تدع طفلك دون مراقبته ومراقبة أصدقائه في ظل الانفتاح الكبير الذي نعيشه وقد اضطر زوجي للبحث عن عمل إضافي لتحسين الوضع المعيشي .
الأمر مرهون بواقع الأسرة
الأستاذ محمود العلي علم نفس يقول ليس هناك سلبيات أو إيجابيات ولاتوجد قاعدة تحدد العدد المثالي لأفراد الأسرة وإنما الأمر مرهون بقدرة الأسرة على تأمين الاحتياجات المادية أو الاحتياجات النفسية والعاطفية للأولاد ومن المعروف أنه كلما انخفض عدد أفراد الأسرة كلما كانت هذه الأسرة قادرة على تأمين احتياجاتهم بشكل أفضل وتحديداً أننا نعيش ظروفاً اقتصادية صعبة .
لافتاً إلى أن متغيرات عديدة طرأت سواء من حيث دخول المرأة ميدان العمل أم زواج المرأة في سن متأخرة وظروف العمل وضيق الوقت فإنجاب عدد كبير من الأطفال يشكل إرهاقاً للأسرة علماً أن الدراسات النفسية تؤكد أن إنجاب الأطفال يجعل الأبوين وخاصة الأم أكثر سعادة ولكن يجب أن يكون هذا الخيار بناء على واقع الأسرة حتى لاينقلب سلباً.
أما فيما يخص الأولاد وضرورة وجود إخوة في حياتهم فقال رغم المشاحنات الدائمة بين الإخوة والأخوات إلا أنها تميل إلى أن تكون علاقات إيجابية وأن امتلاك الشقيقات والأشقاء يحسن من المهارات الاجتماعية ويمنحهم حياة أفضل.
نسرين سليمان
المزيد...