كنا قد تحدثنا في عدد ماضي عن المهرجان الشعري الذي أقامته جمعية الشعر مؤخراً والذي أفتتح بندوة نقدية وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب وتأسيس وزارة الثقافة أيضا وبالتعاون مع الهيئة العامة للكتاب
وقلت : إن ما أسجله هنا لا يلغي أهمية ما قدم ولا يبخس جهد أحد ما، ولكن أهمس هنا من باب المحبة والغيرة بهدف الوصول إلى صورة أكثر جمالا وبهاء تليق بمؤسسة ثقافية سورية حقيقية.
تتمة الجزء الأول :
خامساً : حين تبنينا فكرة إقامة المهرجان في مكتبة الأسد أو في أبي رمانة كانت الفكرة راقية جدا بأن نخرج تجاه المجتمع ..الناس ..الطلاب .الجامعات بمفردات وأدوات جديدة مغايرة لا أن نكتفي بحضور المشاركين وحسب , وهذا كان من المفروض أن يتحقق لو تم الإعداد الجيد للمهرجان أما ما وجدناه في مهرجاننا هذا فهو على عكس ما خطط له إذ لم نلحظ هذا الحضور الجماهيري ولا حتى الإعلامي كما كان متوقعا أو كما كان يتم الحديث به وعنه وهذا يعكس إن لم نقل فشلا ما، فمما لاشك فيه، فإنه عكس صورة غير حسنة عن عملنا وتجسد أكثر ما تجسد في اليوم الثاني .. في الجلسة الصباحية من القراءات الشعرية إذ اقتصر الحضور تقريبا على المشاركين وبعض الضيوف بما لم يتجاوز أصابع اليدين.
سادسا : في اليوم الأول حضر جميع أو معظم أعضاء المكتب التنفيذي بما فيهم رئيس الاتحاد وتم التكريم أصولا وبحضور ومشاركة الدكتور مدير الهيئة العامة للكتاب وهذا .. بديهي لأن مناسبة كهذه ومهرجان كهذا يقتضي حضورهم ( مناسبة تأسيس الاتحاد ووزارة الثقافة)
ولكن في اليوم الثاني ..مَنْ حضرَ؟؟!! ومن الذي حضر ثم انسحب قبل التكريم بدقائق خمس ؟؟ ولماذا ؟؟!!
ومن كرّم الشعراء آنذاك وبماذا تم تكريمهم ؟؟!!
ثمة تفاصيل أخرى حدثت ومن الممكن أن نتحدث بها لاحقا إن اقتضى الأمر, ولكن من الممكن أن أذكر على سبيل المثال بقاء عدد من زملائنا من جمعية الشعر وهم من خارج دمشق وريفها – ومنهم من له اسم في البرنامج كمشارك – في صالة المركز ولأكثر من ساعتين بانتظار الجلسة المسائية.
ولكن قد يقول قائل – وقالها لي – لماذا لا ننظر إلى النصف الملآن من الكأس ؟؟
أقول : من البداهة أن يكون ثمة نصف ممتلئ هنا وهناك ولكن علينا أن لا نكتفي بالنصف فقط لطالما بمقدورنا أن نعمل معا لنملأ ما تبقى من كأسنا الجميل هذا إذ ليس بالصعب أو العسير , فقط يحتاج إلى تعميق مفهوم العمل المؤسساتي الجماعي لا الاعتماد على الاجتهادات الفردية .
ختاما أقول ومن باب الوفاء للشعر ..لجمعيتنا ..للزملاء :
مهرجان تألق فيه الشعر على لسان بعض الشعراء وأبدع الزملاء في الندوة النقدية أيضا ولكن من المؤكد أن ثمة إرباكاً لا بل إرباكات كثيرة حدثت وعكسها التنظيم غير الجيد والإعداد الباهت
من الجميل والهام في اليوم الأول حضور أعضاء المكتب التنفيذي – أو بالأصح معظمهم – وتكريمهم للمشاركين بشهادات (تقدير – شكر) من قبل رئيس الاتحاد الذي لا نشك بتعاونه المطلق وسعيه لتقديم الأفضل للخروج بالصورة الأبهى عن مؤسستنا ..عن اتحادنا .
والجيد أيضا ما قدمته الهيئة العامة للكتاب من عناوين جد هامة كإهداء لجميع المشاركين بمناسبة تأسيس وزارة الثقافة ..
والأجمل أيضاً تلك اللقاءات الراقية الأصيلة التي جمعتنا مع أخوة لنا وزملاء من درعا والحسكة وحلب واللاذقية وحمص و..و..من مدننا الحبيبة
تلك اللقاءات والحوارات كتبنا مطولا مطالبين بتنظيمها لأهميتها ..لأهمية الحوارات التي كانت وستبقى تدور بيننا نحن أبناء هذي الأرض المعفرة بدماء وبعرق أبنائها الأوفياء للماء وللرغيف وللغمام
إن إقامة المهرجانات الشعرية والندوات النقدية الناجحة تحتاج إلى عمل جماعي , وهنا لن أحاضر أو أنظر على أحد فالجميع إخوتي وزملائي ولكن ثمة إشارات تعكس صورة حقيقية عن ضعف كبير في فهم ماهية العمل الثقافي وأدوات الاشتغال به وعليه ، فمثلاً : ليس من المعقول أن مدير إدارة الجمعيات لا يعلم تفاصيل وبرنامج مهرجان جمعية تتبع له ..وكما ليس من المعقول أيضا أن يقوم المكتب التنفيذي بمهرجان شعري كبير وهام على مستوى سوريتنا وبالتعاون مع غير هيئة ومؤسسة في حين أن جمعية الشعر وحتى مقررها لا علم له بذلك ولسنتين متتاليتين ..
نعم أرى أن ثمة فهم خاطئ ولبس كبير حدث ويحدث في مفهوم العمل الثقافي ..
ختاما وبمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس اتحادنا – اتحاد الكتاب العرب – لا بد لنا أن نقول إن اتحادنا مؤسسة راقية نبيلة قدمت لنا .. لأعضائها ..للأدباء عامة في سورية وخارجها الكثير الكثير كما كان لها ولعقود طويلة الدور الجيد في رسم مشهد ثقافي سوري معافى وأصيل.
من هذا المنطلق علينا جميعا كأعضاء وكأدباء ومثقفين أن نعمل على تأسيس منظومة عمل جديدة بمفردات جديدة ومغايرة تهدف إلى تعزيز دور الثقافة .. الكلمة وفعلها الإيجابي في ترميم كل ما تهدم في نفوسنا والانطلاق تجاه حقول من القمح والورد والندى
أن نعمل كل ما من شانه المحافظة على اتحادنا لا بل تطويره ليكون مؤسسة أكثر رقيّا نباهي بها أنى ذهبنا وشاركنا .
عباس حيروقة