المطامر الفنية للنفايات بأغلب دول العالم مصدر دخل اقتصادي مهم من خلال إعادة تدويرها واستخراج السماد العضوي وتوليد الطاقة الكهربائية من الغازات المنبعثة منها .
إلا أن المطمر الفني للنفايات بسلمية، بواقعه الحالي والذي يستقبل يومياً أكثر من 125 طناً قمامة، أصبح مكباً للقمامة، ومصدراً رئيسياً خطيراً للتلوث الصحي والبيئي، وبات بؤرة للجراثيم الضارة ومزرعة للحشرات الضارة الناقلة للأمراض الخطيرة السارية وخاصة داء اللشمانيا والكبد الوبائي، ومصدراً لتلوث المياه الجوفية من السوائل العادمة، بسبب عدم القيام بالإجراءات الفنية اللازمة، لطمر النفايات والتخلص من النفايات السامة والغازات الضارة والسوائل المتجمعة، التي تنبعث من القمامة المتراكمة بشكل فني وعلمي.
دراسة علمية لم تنفذ!
علماً أنه هناك دراسة فنية علمية جيدة جداً، أقيم على أساسها المطمر، للاستفادة من الغازات بتوليد الطاقة الكهربائية، مع معمل لإعادة تدوير النفايات وإنتاج سماد عضوي عالي المواصفات، والتخلص من السوائل وبقايا النفايات بطريقة علمية تحافظ على بيئة صحية ونظيفة.
كجهة إعلامية يهمها المصلحة العامة ومصلحة المواطن وصحته ، نشرنا عدة مرات عن هذا المطمر وأضراره الناتجة عن عدم التخلص من النفايات بالطريقة الصحيحة والسليمة .
وحصلنا على دراسة علمية هامة جداً حوله، قام بها ـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي / undb / جاء فيها مايلي: «» .. إن الشكل العام للتخلص من النفايات العضوية الصلبة ، هو عملية الطمر الصحي، وأكثر الأحيان الطمر العشوائي يتم فيه طمر النفايات العضوية مع النفايات الخطرة كنفايات المستشفيات والصناعات السامة ، وإن عملية طمر النفايات ضمن شروط غير نظامية، لها تأثير ضار جداً على البيئة ، وهو مرتبط أيضاً بمشكلات تقنية كعملية تغطية المكبات.
التلوث الناتج عن المطمر العشوائي
وتضيف الدراسة: إن التلوث الناتج عن عملية الطمر العشوائي بالمطمر هو:
تشكل غازات منطلقة من المكب وأهمها غاز الميتان، وكذلك تشكل الغازات السامة والمسرطنة .
وتشكل المياه الراشحة والمحملة بالمعادن الثقيلة والمواد العضوية الضارة، التي تؤدي لتلوث المياه الجوفية.
والاحتراق العشوائي والتلقائي في بعض الأحيان للنفايات في المكب، ما يؤدي إلى تشكل مركبات متطايرة، أو مركبات منحلة، وهذه المركبات سامة ومسرطنة.
وتكاثر الحشرات والحيوانات الضارة، وتشكل الروائح الكريهة والغبار.
دور العوامل الجوية
وتضمنت الدراسة أيضاً: إن للعوامل الجوية دوراً مهماً في عملية طمر ومعالجة النفايات العضوية، حيث إن درجات الحرارة العالية تؤدي إلى تحلل المواد العضوية وتشكل الروائح الكريهة ، وأن عملية طمر النفايات العضوية بدون معالجتها بيولوجياً، تؤدي لتشكل غازات ضارة ومياه راشحة تؤدي للتلوث البيئي والصحي.
في المطمر
وكان لصحيفة الفداء مؤخراً جولة ميدانية على المطمر بسلمية مع مهندسين من مكتب شؤون البيئة بسلمية ، سجلنا من خلالها الملاحظات التالية :
ـ يتم ترحيل القمامة بشكل يومي وبمعدل وسطي /120/ طناً ، وتترك لعدة أيام تحت تأثير الظروف الجوية .
ـ تتجمع بكميات كبيرة السوائل والمياه الراشحة من القمامة بزاوية المطمر بدون معالجتها فنياً، وهي سبب مباشر لتلوث المياه الجوفية .
ـ عملية طمر النفايات ضمن الخلية كل عدة أيام مع وجود آليات قليلة .
مخالفات بالجملة
ـ المهندس كمال الحاج، وخلال الجولة الميدانية على المطمر، أكد لنا قائلاً: هناك عدة مخالفات، منها: ترحيل النفايات الطبية الخطرة مع النفايات المنزلية بشكل مختلط، ولوحظ انبعاث غازات ناتجة عن الاحتراق الذاتي للنفايات، بسبب تأخر عملية الطمر بالتراب، ونتيجة للظروف الجوية الباردة وعمليات الرش بالمبيدات، لوحظ انتشار بسيط للذباب والحشرات، ومعمل النفايات الصلبة متوقف عن العمل، ولم يتم استثماره منذ إنشائه وهو بحاجة لتجهيزات وإعادة تأهيل .
ونقترح انطلاقاً من حرصنا على صحة الإنسان وسلامة البيئة، زيادة الآليات اللازمة والوقود والصيانة بشكل دائم، للقيام بعمليات طمر النفايات بشكل يومي، منعاً لتراكمها واشتعالها، والرش الدوري للمبيدات الحشرية ضمن حرم المطمر يعد حلاً جزئياً وغير كافٍ لحل مشكلة الذباب والحشرات، بسبب وجود نفايات جديدة يومياً، والحل الجذري هو ردم النفايات بالتراب بشكل يومي، وضرورة التنسيق بين مجلس المدينة ومديرية الصحة من أجل معالجة النفايات الطبية الناتجة عن المنشآت الصحية، ومنع ورودها للمطمر، لعدم وجود معالجة خاصة لهذه النفايات الخطرة على الصحة، وضرورة تأهيل وتشغيل واستثمار معمل النفايات وإعادة تدوير النفايات بشكل سليم.
لم يُستثمر
رئيس مجلس مدينة سلمية، المهندس زكريا فهد قال لنا: المطمر أُسِّسَ بعام 2003، على مساحة تقدر بـ/350 / دونماً، شرق مدينة سلمية، بناء على دراسة فنية وعلمية ممتازة، للتخلص من النفايات بطريقة فنية صحية ومعمل لاستخراج السماد العضوي من هذه النفايات، ولكن للأسف لم يتم استثماره بالشكل المطلوب، وخلال الأحداث المؤسفة الماضية، تم سحب بعض الآلات منه خوفاً من سرقتها، وتشرف على عمله دائرة الخدمات الفنية، ودور المجلس بعمل المطمر هو ترحيل كمية ما بين 90 و100 طن قمامة يومياً من المدينة، إضافة للقمامة المُرحَّلة من القرى المحيطة به، وهو مشروع يحتاج لمستثمر من أية جهة ثانية ليقوم بعمله بالشكل الأمثل، نظراً لحاجته للآليات التي يحتاجها العمل، وبواقعه الحالي يعد مكباً للنفايات، نأمل تضافر الجهود من الجهات المعنية والمستثمرين، ليقوم بعمله بالشكل الفني الأمثل، واستثماره ليكون مصدر إنتاج ودخل اقتصادي وتشغيل يد عاملة.
يجب استثماره كما أنشئ
مدير دائرة الخدمات الفنية المهندس وائل الصهيوني أكد لنا أنه من الضرورة أن يتم العمل بالمطمر كما تم في دراسة إنشائه، ويجب أن يكون هناك عزل للنفايات وطمرها بشكل فني ومعالجتها، ودورنا اليوم وضمن الإمكانات المتاحة، الإشراف على ردم وطمر النفايات، ضمن خلايا خاصة، ووضع تراب عليها، ونأمل أن يكون هناك استثمار له، وتشغيل معمل النفايات، وهناك قسم من الآليات للمعمل موجودة لدينا، وتم سحبها خوفاً من سرقتها بسبب الظروف والأحداث المؤسفة.
الرؤى المستقبلية للمطمر
وعن الرؤية المستقبلية لمطمر النفايات، حدثنا المهندس اسماعيل موسى، نائب رئيس مجلس مدينة سلمية قائلاً: يتم العمل منذ عام تقريباً، على دراسة وضع المطمر، وتم الحصول على دراسة كاملة، كونه سبباً مباشراً ورئيسياً في التلوث الصحي والبيئي، من خلال الغازات الخطرة المنبعثة من النفايات، وتنطلق في الهواء وتأثيرها الضار على الإنسان بشكل مباشر، ولقد قمنا بعدة زيارات له، ووضعنا الخطة اللازمة كالتالي: التعاقد مع مستثمر خاص عن طريق نظام bot من أجل تشغيل معمل النفايات، المقدم لصالح مجلس المدينة منذ سنوات، حيث يقوم هذا المعمل بفرز كل مادة، من القمامة على حدة، ومنها الخردوات بشكل عام وتشمل / بلاستيك، حديد، بلور، ألمنيوم وغيرها /، كما يتم العمل على استثمار المواد العضوية عن طريق التخمير والنشر على مسطحات بيتونيه موجودة بالمطمر لمدة /25/ يوماً، وبعدها نقوم بالطحن للحصول على سماد عضوي، ذي تأثير كبير ومفعول سريع في تغذية المزروعات، حيث تبلغ كمية القمامة اليومية / 100/ طن يومياً، وتبدأ المعالجة عن طريق تحضير الكومات للتخمر وحتى الطمر النهائي للمواد العادمة بالتقليل الكبير من حجم النفايات حتى 50% من الحجم الكلي، ومنع نشوء الغازات الضارة بالبيئة والمياه الراشحة وذلك بتقنية بسيطة وتكاليف قليلة، وتقليل تشكل المياه الراشحة من الكومات بشكل كبير، نتيجة عدم دخول المطر. والتسبب بزيادة كمية الملوثات، كذلك يساعد بفصل مياه الأمطار عن المياه الراشحة، وتقليل التلوث بالهواء المحيط نتيجة المعالجة الميكانيكية والبيولوجية قبل الطمر بنسبة تصل إلى 90% وذلك حسب طريقة جمع النفايات العضوية وإعادة تدوير المواد الأخرى، وتقليل تلوث المياه الجوفية نتيجة المعالجة الميكانيكية والبيولوجية قبل الطمر بنسبة تصل لـ90% حسب طريقة جمع النفايات العضوية وإعادة تدوير المواد الأخرى، والمساعدة بمنع احتراق المطمر الصحي، ومنع تكاثر الحشرات والحيوانات الضارة، ومنع تشكيل الروائح الكريهة والغبار الضار الناتج عن المكبات.
تأمين آلات
ويضيف موسى حول مقترحات العمل قائلاً : من الضرورة تأمين آلات تؤدي الغرض وإعادة مكنات المعمل إلى المطمر ليجري طرحه بالاستثمار عن طريق جمع وترحيل القمامة كاملة من المدينة ، وإعادة فرزها واستثمارها ، وتشغيل المطمر من أجل المعالجة البيولوجية يكون هذا العمل نواة لمعمل ضخم ، يتضمن إنتاج الغاز المنزلي وتوليد الكهرباء والسماد العضوي .
ختاماً:
المطمر بواقعه الحالي، مصدر تلوث صحي وبيئي خطير على الإنسان والأرض والجو والمزروعات والمياه الجوفية، وبؤرة للجراثيم الضارة، ومرتع للكلاب الشاردة، ومزرعة للذباب والبعوض والقوارض والحشرات الضارة الناقلة للأمراض الخطيرة، وهذا ما تؤكده تقارير الصحة بزيادة إصابات داء اللشمانيا والكبد الوبائي.
وبات من الضروري تحرك المسؤولين والجهات المعنية لإيجاد حل، لمنع ووقف هذا التلوث الخطير، حرصاً على المصلحة العامة ومصلحة المواطن.
حـسان نـعـوس