أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف، ويعرف بمكسيم غوركي (Максим Горький)، (1868- 1936)، هو أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية… وكلمة جوركي باللغة الروسية تعني «المر» وقد اختارها الكاتب لقباً مستعاراً له وقد استمده من واقع المرارة الذي كان يعانى منه الشعب الروسي تحت الحكم القيصري والذي شاهده بعينه خلال المسيرة الطويلة التي قطعها بحثاً عن القوت ، وقد انعكس هذا الواقع المرير بشكل واضح على كتاباته وبشكل خاص في رائعته «الأم.
ولد في نجني نوفجورود عام 1868، وأصبح يتيم الأب والأم وهو في التاسعة من عمره، فتولت جدته تربيته, وكان لهذه الجدة أسلوب قصصي ممتاز، مما صقل مواهبه القصصية. وبعد وفاة جدته جاس على قدميه في أنحاء الإمبراطورية الروسية, لمدة خمس سنوات، وكانت حياته مترعة بالأحداث القاسية وبالإخفاقات. وخلال عمله حاول الانتحار عدة مرات, وجمع العديد من الانطباعات التي أثرت بعد ذلك في أدبه.
كان صديقاً لـ لينين الذي التقاه عام 1905 م . لكنه انتقد بعد ذلك ثورة أكتوبر, وكان يوصف بالإيديولوجية الرسمية للدولة هو «نذير الثورة» الذي بشر بهبوب العاصفة الثورية، وهو الكاتب البروليتاري العظيم ومؤسس « الواقعية الاشتراكية» المذهب الرسمي للدولة السوفييتية في الأدب والفن.
تأثرت عدة أجيال من المثقفين العرب في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين بأدب الكاتب الروسي الكبير مكسيم غوركي واعتبرها الكثيرون رمزاً لنضال الطبقات الفقيرة، وترجمت أعماله الى عدة لغات عالمية.
غوركي جابت شهرته الآفاق آنذاك ليس في روسيا فقط، بل وفي أوروبا وأمريكا حيث عرفه القراء بأعمال كثيرة منها « طفولتي « و»بين الناس» و» الأم « وقصصه ومسرحياته كتب فيها عن حياة الفقراء والمحرومين وقد صعد نجمه بعد نشره قصة «ماكار تشوردا» في عام 1892 . وبعد هذا نشرت أعماله التالية التي جلبت له الشهرة العالمية واصبح بعد رحيل تولستوي ودوستويفسكي وتشيخوف كاتب روسيا الأول.
يعتبر الكاتب الروسي مكسيم غوركي عند الشعب الروسي بمثابة «أيقونة» يتبارك بها الناس مثل جثمان لينين المحنط في الساحة الحمراء وهو الكاتب «الصقر والمنذر بالثورة» و الذي صارت صوره تباع في كل مكان حتى ظهر في الأقاليم شبان يقلدون هيئته في الملبس وتسريحة شعره ويقلدونه في حركاته وأسلوب كلامه.
كان اهتمام غوركي بالصدق في أدبه يشكل قضية أساسية هي عنده اكثر ثقلاً من مستوى الأفكار المجردة, ويعني في تلك القضية الصدق في الحياة كما يجب أن تعاش , وأن صدق الإنسان كما هو الإنسان في إنسانيته من شأنها أن تجعل الحياة عبئاً أخف وشيئاً أفضل , ويقول إن مهمة الأدب هي أن يعين الإنسان على ان يفهم ذاته، وأن يرتفع بإيمانه بنفسه , وأن يطور عاطفة الصدق عنده , ويحارب الشر في الآخرين , ويعثر على الخير في الناس, ويوقظ أرواحهم ويجعلهم أقوياء قادرين على إلهام حياتهم في تلمس روح الجمال ..
لقد كان غوركي صادقاً في كتاباته في كل ما يعرفه عن الحياة وكان لا يحيد عن قول الحقيقة حيث كان يقول إن الصدق مفيد مهما كانت الحقيقة فظيعة مريرة وقد تكون ثقيلة أو قد تحطم كل حركة وكل أمل.
في كتابات غوركي صراحة وتنوع وعظمة روسية غريبة وشيء من الجنون ومن العناد والبسالة وقدر كبير من الحيوية وكما يقول كونستانتين باوستوفسكي « إن غوركي هو روسيا « وكما لا أستطيع أن أتخيل روسيا من غير نهرها الفولجا , فإنني لا أستطيع أن أتخيل روسيا من غير كاتبها غوركي» .
محمد مخلص حمشو