إن الكاتب هو أعقل الناس على الإطلاق!
إن الكاتب هو أكثرهم إدراكاً والتزاماً بالعقل!
إن الكاتب هو الرهافة والإحساس ومعرفة الحقيقة!.
كان الكاتب القصصي مكسيم جوركي, قد خلّف حصيلة ضخمة من الرسائل يزيد عددها على ألفي رسالة لأنه كان حريصاً على الردّ على كل رسالة تصله, مهما كان شأن صاحبها أو مكانته!
و.. كان يتقبل النقد بصدر رحب.. ويبث أصحابه نصائحه وآراءه في أعمالهم.. بكل ماعرف عنه من صراحة وإخلاص!!
وقد صدر له المجلد السبعون من سلسلة التراث الأدبي التي كانت تنشر في موسكو.. ويضم نحو خمسمائة رسالة لمكسيم جوركي، لم يسبق أن نشرها, ونقتطف هذه الفقرة (من إحداها):
بعث جوركي برسالة إلى زميل له يدعى مايك بريشفين, وفيها لخص رأيه في عملين من إنتاجه يقول:
ـ في هذا العام, أو في العام القادم تحل ذكرى مرور خمسة وثلاثين عاماً على اشتغالي بالكتابة, إلا أنني لاأعرف حتى الآن كيف أكتب.. فما زلت أتعلم (!!!!)
وإني لأرسل لك مع هذا كتاباً آخر لي وهو: أسرة ارتامونوف كما جاء في الهامش, كتبته عقب صدور مجموعة قصصي, فأرجو أن تطالعه .
ذلك لأنني أحببته حين كنت أكتبه لكنني حين نشرته لم أستطع أن أقرأه(!!!)
جوركي, حين كتب ماكتب, كان يحب أن يكتب..
وحين انتهى من الكتاب ونشره بين الناس حاول أن يقرأ ماكان أحب كتابته فلم يستطيع؟!!!
إن مايكتبه الكاتب اليوم هو شهادة عليه في الغد..
شهادة تغوص حتى واقعه الأعمق والأعم..
فالكتابة ـ اليوم ـ هي كتابة وعي وإدراك لاكتابة أخيلة ومزاج..
والفكر ـ دائماً ـ صحو.. ونضوج وتألق ..
والكتابة ذروة مرحلة الصحو الفكري لدى الكاتب..
الكتابة هي كل النضوج المعرفي الهادف..
والكاتب الذي يتصدّى للكتابة الفنية لايخون الأمانة .. بل يعيش لها ومن أجلها تماماً كما يعيش الشرفاء من أجل رسالتهم في الحياة أليس كذلك؟!!!